آلات الإسكات

أنشأت الحكومة «هيئة القرآن» قبل 6 سنوات، لغرض أساسي هو طباعته وتوزيعه. وبما أن الجميع لديه نسخ عدة من المصحف، والسوق الكويتية ضيقة أساسا، فإن التوزيع سيتجه لخارج الكويت، ولكن دولا كثيرة، ومنها السعودية، تمنع أصلا دخول أي مصاحف إليها.
وبهذا الصدد، ورد في تقرير لجنة الميزانيات بمجلس الأمة، عن الحساب الختامي للهيئة العامة للعناية بطباعة ونشر القرآن، أنها لم تطبع أي مصحف منذ إنشائها. كما تبين للجنة، من مراجعة وضع الهيئة أن مصروفاتها للسنة المالية 2016/2015 بلغت 3.246.000 دينار، وأن المبلغ صرف، وما يماثله في السنوات السابقة، من دون أن تحقق الهيئة أيا من اختصاصاتها الأربعة عشر! كما أن ميزانية الهيئة تشهد وفورات كبيرة في جميع أبواب الميزانية، إلا في بنود الرواتب والمكافآت والمؤتمرات، والمهمات الخارجية، حيث وصل الصرف فيها لما يقارب %100 من الاعتماد المدرج. كما زاد بند المكافأة على بند الوظائف بنسبة %330، وهذه إنجازات تسجل للهيئة!
وبما أنه توجد هيئة مماثلة وأكبر بكثير في السعودية تقوم بنفس مهام هذه الهيئة، فلا شك أن التنفيع هو السبب الرئيسي وراء تأسيس الهيئة في الكويت، وبالتالي يجب أن يشملها برنامج التقشف وتلغى لعدم الحاجة إليها، خصوصا أن زير الأوقاف السابق، الأخ يعقوب الصانع، سبق أن أحال عدداً من العاملين فيها، والمؤتمنين على طباعة القرآن، إلى النيابة العامة بتهم التلاعب والفساد المالي.
ما يسري من عدم الحاجة إلى وجود هيئة طباعة القرآن، يسري على الهيئة العاطلة الأخرى المسماة باللجنة الدائمة العليا لأسلمة القوانين، التي عجزت بعد ربع قرن من تأسيسها، وصرف عشرات أو مئات ملايين الدنانير عليها، عجزت عن إنجاز سطر واحد في أي موضوع كلفت به، أو ما اختارت هي تكليف نفسها به، أو نص عليه عقد إنشائها. وهنا الشرهة ليست على معظم العاملين في هذه الهيئة فقط، الذين قبلوا على أنفسهم قبض عشرات آلاف الدنانير شهريا، على مدى ربع قرن، من دون مقابل، ومن دون أن يستحرموا تلك الرواتب التي دفعت لهم، ولا تزال تدفع لهم دون القيام بأي عمل، غير توزيع الباذخ من الهدايا على مسؤولين، بل الشرهة قبلها على الحكومة التي سكتت عن كل هذا الهدر في المال العام لغير سبب أصلا. فاللجنة ربما كانت ضرورية لفترة اسبوع فقط من وجودها، لإسكات بعض من طالبوا حينها بتعديل المادة الثانية من الدستور، ولكن ريح هؤلاء ذهبت إلى غير رجعة، فلم بقاء «آلة الإسكات» هذه حتى الآن؟
أتمنى، وهذا ما طالبت به كثيرا، من واحد فقط من أعضاء مجلس إدارة هذه اللجنة شبه الميتة، ان يخبرنا بحقيقة شعوره، وهو يقبض راتبه او مكافأته الشهرية المجزية، دون أن يفعل شيئا.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top