الطبطبائي وحقوق الإنسان

ورد في مضابط مجلس الأمة، على لسان النائب وليد الطبطبائي، في مداخلته على مشروع تعديل قانون الجنسية، بأن الكويت سبق أن وقعت على العهد الدولي، وأنها ملزمة بتطبيق بنود هذا العهد، وإلا ستدرج في القائمة السوداء. وقال إن إسقاط جنسيات بعض المواطنين، دون إتاحة الفرصة لهم للتقاضي، يخالف بنود العهد الدولي!
طبعا هذا كلام جميل، ويدل على إنسانية قائله، وغيرته على سمعة وطنه! ولكن الحقيقة غير ذلك تماما، فكلام النائب حق يراد به باطل. فالكويت، ككل دول العالم، سبق أن قامت بالتوقيع على العهد الدولي، ولكنها، وبسبب سطوة التيار الديني الذي ينتمي إليه النائب الطبطبائي وصحبه، بالذات، حثت الحكومة مباشرة وبطريقة غير مباشرة، على عدم العمل بالكثير من بنود هذا العهد الدولي، فكيف يأتي اليوم ليتباكى على عدم قيام الحكومة بتطبيق بند من هذا العهد، هل لأن مصالحه الانتخابية فرضت عليه ذلك؟
فديباجة العهد تقول إن جميع أعضاء الأسرة البشرية متساوون في الكرامة، وفي الحقوق، على أساس من الحرية والعدل والسلام في العالم، فهل يؤمن الأخ النائب فعلا بهذه الحقوق والمساواة، أم يعتقد بخلاف ذلك؟
وهل يؤمن حقا بأن السبيل الوحيد لخير البشرية، وفقا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، يتمثل في أن يكون البشر أحرارا، ومتمتعين بالحرية المدنية والسياسية ومتحررين من الخوف والفاقة؟ طبعا لا، فكل أنشطته خارج الحدود، وخطبه ومواقفه تقول إنه يعمل ضد فئات كثيرة داخل وطنه، يختلف معها سياسيا ودينيا ومذهبيا وعرقيا، فكيف بخارجه؟!
تقول المادة الثالثة من العهد إن الرجال والنساء يتساوون في حق التمتع بجميع الحقوق المدنية والسياسية المنصوص عليها في هذا العهد، فهل يؤمن الطبطبائي حقا بهذا؟
وفي المادة 18 ينص العهد على أن لكل إنسان الحق في حرية الفكر والوجدان والدين، فهل يتفق الطبطبائي مع هذا؟ ألم يقم هو وصحبه بمعارضة كل الأنشطة الدينية التي لا تتفق مع فكرهم؟ ألم يحمل السلاح ضد من يختلف معه دينيا ومذهبيا؟ وهل يتفق بالفعل مع نص المادة 19 التي تقول إن لكل إنسان الحق في اعتناق آرائه دون مضايقة، وفي حقه في حرية التعبير؟ وهل يعلم بأن العهد يحظر الدعوة للكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية، وهو الذي كان على رأس هذه الأنشطة، ولا يزال؟
الأمثلة، ضمن مواد العهد الدولي، التي تتعارض مع فكر و«فلسفة» الطبطبائي وتاريخه السياسي أكثر من أن تحصى، وما كان من المفترض أن يقع من هو في مثل «خبرته»، في مثل هذا الخطأ.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top