مطلوب تفسير (2-2)

تطرقنا في مقال الأمس لأنواع الغش والخداع في الدولة، وكيف أن هذا التصاعد في النوع والكمية صاحبه، في جانب آخر، تزايد في عدد حفظة القرآن، وفي حملات العمرة والحج، وفي بناء المساجد، وفتح الحسينيات، المرخص منها وغير المرخص، وغير ذلك من مظاهر تدين، تخالف وتتضارب مع وضعية شبه الدولة الدينية التي نعيشها. فهل لدى أي من حملة الشهادات العالية «المضروبة» تفسير لهذا التناقض؟
وفي حركة تصب في هذه الاتجاه قام أحد جهابذة النواب بتقديم اقتراح بمنح حافظي القرآن، من العاملين في الحكومة، الدرجة الوظيفية الرابعة، حتى ولو كانوا لا يحملون أي شهادة دراسية. وتساءل أحد الخبثاء عما إذا كانت درجته ستخفض للخامسة إن نسي شيئا مما حفظ؟
ولا ننسى أن السلطات تقوم بين الفترة والأخرى بتخفيف مدد أحكام السجن لمجرمين، إن استطاعوا حفظ القرآن، وحرمان من لا يستطيع الحفظ من ميزة العفو، حتى لو كان الحافظ أكثر سوءا في سلوكه من غير الحافظ، في ذلك مكافأة لأصحاب الذاكرة القوية، على حساب غيرهم! علماً بأن نسبة الأذكياء بين نزلاء السجون ليست بالقليلة.
وكشف مدير إدارة التعليم الديني في وزارة التربية (ولا أدري لماذا كشف، ولم يصرح) بأنه سيقترح على الوزارة إدخال المرحلة الابتدائية في التعليم الديني، حيث إنها حاليا مستثناة! وكشف المدير عن وجود سبعة معاهد دينية في الكويت، وكنت أظنها واحدة فقط، لمرحلتي المتوسطة والثانوية، وأن الملتحقين بها يبلغ عددهم 3600 دارس، في الدراسات الصباحية والمسائية، ومع هذا لا يوجد لدينا، بعد 60 عاما من التعليم الديني، مؤذن كويتي!
ولو علمنا أن كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت تأسست عام 1982، أي قبل 35 عاما، وهناك تكالب على الالتحاق بها، فلم لا يوجد لدينا ما يكفي من أئمة مساجد؟ والسبب أن الالتحاق بالشريعة لا علاقة له غالبا بالتدين، بل لأن النجاح في كليات الشريعة مضمون، وهناك دائما فرصة لم يتخرج منها للعمل في المحاماة، وحتى للالتحاق بالسلك القضائي، هذا خلاف العمل في إدارة التحقيقات بالداخلية، ولا أحد منهم طبعا يود العمل مؤذنا او إمام مسجد، فربما يعتقدون أنها وظائف مخصصة لـ «الأيانب»! كما أن الكلية تعتبر جاذبة للفتيات، ولا أحد يعرف لماذا، فليس أمامهن غير التدريس الديني، وعليك تخيل المخرجات!
وفي تغريدة انتشرت كثيرا لرجل الدين السعودي، والإمام السابق للمسجد الحرام عادل الكلباني قال فيها: جائزة أفضل مخترع مئة الف ريال، وجائزة افضل منشد خمسة ملايين ريال.. فمن هو المهبول الذي يفكر في الاختراع؟
يا حكومة، خففي عنا الجرعات الدينية، «فكل ما يزيد على حده، ينقلب إلى ضده»، فقد أصبحت حتى البنوك التجارية تنافس المؤسسات الأخرى في مسابقات حفظ القرآن؟

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top