هل نحن في أستراليا؟

قامت أستراليا قبل بضع سنوات بتكريم رجل الأعمال الكويتي المعروف يعقوب الحميضي، كواحد من أبرز من ساهم في تنمية قطاع المواشي فيها. وجاء تكريمه ضمن قائمة الشرف الأولى الأكثر تأثيرا في تاريخ القطاع على مر العقود، نظراً لمساهماته في تطوير التجارة بين الكويت واستراليا، علما بأن اهتمام الحميضي بموضوع اللحوم والمواشي كان مبكراً، وكان من أوائل من جلبها ولحومها من استراليا.

تكمن وراء هذا التكريم قصة طريفة يجب أن تروى، فقد قام السيد الحميضي في بداية علاقته باستراليا بمحاولة إقناع سلطاتها قبول اقتراحه بإدخالٍ لمجموعة من الخراف العربية، المسماة بـ «العواس»، لأستراليا وتهجينها مع خرافهم المسماة بالـ«مرينو» للحصول على هجين جديد يناسب مذاق لحمه ما اعتاد الناس عليه في منطقة الشرق الأوسط. قوبل طلبه بالرفض، فاستراليا، كأميركا، تعارض دخول أي حيوانات حية او نباتات اليها تحت اي ذريعة كانت، وبالتالي باءت كل محاولاته لثنيهم عن قرارهم بالفشل.

بعدها بعشرين عاما تقريبا، أي في منتصف الثمانينات، تلقى السيد الحميضي اتصالا من الحكومة الاسترالية تعلمه، بعد عشرين سنة، أنها درست طلبه السابق، وأنها على استعداد لمناقشته فيه، وربما إعادة النظر في سابق معارضتها لفكرة التهجين، وحيث أنه كان أول من بادر الى طرح تلك الفكرة، وليس الأخير، فالأولوية له، إن كان لا يزال مهتما بالموضوع.

بعد جهود ومحاولات مضنية، نجحت التجارب وتم التوصل لخروف تعود %94 من جيناته للخروف العربي، مع إمكان إنتاج كميات كبيرة جدا منه، وبدأ بتصديره الى الكويت، حيث لقى نجاحا كبيرا، ومن هنا بدأت فكرة تأسيس شركة كبيرة لاستيراد الأغنام المهجنة من أستراليا.

المهم في الموضوع ان الحكومة الاسترالية، بأرشيفها الغربي الكافر، لم تنسَ أن اول من فكر في تهجين العواس بالمرينو كان السيد الحميضي، وبالتالي أعطته الأولوية ولم تنسَ طلبه على الرغم من مرور عشرين سنة عليه، ولم تقل أنه ضاع في الأرشيف، أو تضع اللوم على إهمال الفراش البنغالي المسكين.

مناسبة إيراد هذه الرواية التاريخية تتعلق بالإعلان «الماصخ» الذي نشرته وزارة الشؤون قبل ايام، الذي أهابت فيه بالمواطنين، ممن سبق أن تقدموا بطلبات إشهار جمعيات نفع عام، وأنا أحدهم، بمراجعة الوزارة لتحديث طلباتهم، مصطحبين المستندات الدالة على تقديم الطلب، وبخلاف ذلك سيسقط حقهم.

المعروف أن الشؤون متعنتة أصلا في الموافقة على إنشاء أي جمعية نفع عام لا يريدها «المعازيب».. وبالتالي فإن الإعلان هو وعدمه سواء. وكان حرياً بالوزارة مراجعة ما لديها من طلبات، والاتصال باصحاب تلك التي لها حظ في الموافقة عليها، لتحديث بياناتهم. أما نشر الإعلان بتلك الصورة فيعني في الغالب أن كل الطلبات السابقة قد أتلفت أو ضاعت، وليس هذا بالغريب، فنحن لسنا في أستراليا..!


أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top