القبعات

كنت أشاهد فيلماً وثائقياً يعود لاحتفالات المدن الأوروبية الكبرى بانتهاء الحرب العالمية الثانية والانتصار على النازية قبل أكثر من 70 عاما، عندما لفت نظري أن الجميع في الشوارع، رجالا ونساء، يرتدون شكلا ما من القبعات. ولكن اليوم نادرا ما نجد من يرتدي القبعة، بخلاف بعض قبعات البيسبول على رؤوس قلة من الشباب، وقد يعود سبب ذلك للموضة، التي أخذناها عن أوروبا، أما الطربوش التركي الذي كان سائدا أيضا في الدول الخاضعة لتركيا العثمانية، فقد اختفى مع انهيار الدولة ومنع اتاتورك ارتداءه، فاغلقت مصانعه خلال ايام.

بالبحث في هذا الموضوع الطريف، وجدت ان شكل ونوع ومادة القبعة تختلف من منطقة لأخرى ومن زمن لآخر، طبقا لتوافر مواد صناعته، أو طبيعة مناخ المنطقة. كما نجد أن القبعات العسكرية تختلف أشكالها من دولة لأخرى، وغالبا ما يسهل تمييز الجيوش من شكل القبعة.

وفي المناطق الصحراوية يرتدي الجميع غالبا قطع قماش تغطي رؤوسهم للحماية من حرارة الشمس ولاستخدامها للوقاية من الأتربة خلال العواصف. أما سكان المدن الباردة فيرتدون غالبا قبعات الفرو. ويفضل سكان المناطق الممطرة القبعات الخفيفة والعريضة.

وفي اوروبا، والدول الغربية الأخرى، اصبح ارتداء القبعة للنساء فقط، وغالبا الكبار منهن، باستثناء المناسبات الرياضية، ولو أن استخدامها في انحسار مستمر.

ويرتدي اليهود المتشددون القبعة من منطلق الاحترام الشديد للإله. وفي بعض الكنائس المسيحية، يطلب من المرأة تغطية شعرها، خاصة اثناء المناولة. كما تتطلب عقيدة السيخ من اتباعها الذكور ارتداء التوربان، او الغطاء الذي يخفي شعر الرأس تماما، والذي يحرم حلقه، وبسبب تمسكهم به، فقد سمحت الشرطة البريطانية للشرطة السيخ ارتداءه أثناء الخدمة، بدلا من القبعة الشهيرة. وفي مصر الملكية كان نادرا رؤية رجل بغير غطاء راس، ولكن بعد انقلاب ناصر العسكري، ومع انحسار موضة ارتداء القبعة في اوروبا اصبح الجميع تقريبا، خلال فترة قصيرة، لا يرتديها. كما نجد أن الملتزمين المسلمين في الهند ودول جنوب شرق آسيا يرتدونها، وكذلك يتميز البهرة، كغيرهم من الأقليات، بقبعاتهم، إما لتمييز أنفسهم أو لسهولة التعرف بعضهم على بعض وتقديم المساعدة. أما الأفغان فشكل القبعة، التي نراها على رؤوس الجميع تقريبا، تدل غالبا على المنطقة أو العرق الذي ينتمي اليه مرتديها.

وعلى الرغم من أن بعض الثقافات كانت تتطلب ارتداء القبعة كنوع من اظهار الاحترام للآخرين، فإنها في ثقافات أخرى نجد أن الاحترام يتطلب خلعها. فلا يجوز دخول بيت أو محكمة أو كنيسة وعلى الرأس قبعة. أما المسلمون فيفضل قسم كبير منهم الصلاة وعلى رؤوسهم غطاء ما.

كما يتطلب الاتيكيت أو قواعد البلاط في غالبية دول العالم رفع غطاء الرأس عند سماع النشيد الوطني، وفي المحكمة، وخلال مراسيم الدفن وبحضور زعماء الدول.

وفي الجيوش المحترفة تتطلب التقاليد العسكرية ارتداء الضباط والجنود القبعات خارج المباني فقط، ويستثنى من ذلك الأفراد المكلفون بالأمن.


أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top