عيد وعيدان

يقول الباحث محمد الهاشمي «ان التَقْو.يم يعني أن نجعل للزمن قيمة مَعْلُومَة»، وهذا يتطلب أن يكون دقيقا ومتزامنا مع فصول السنة الأربعة، وهذا لا يتوافر في غير التقويم الشمسي.

تاريخيا، يعتبر التقويم الفرعوني الشمسي الأكثر قدما، فقد ظهر قبل أكثر من 4000 سنة، وكانت عدد أيامه 360 يوما وخمسة أيام للحصاد. وبعد أن قام يوليوس قيصر بغزو مصر، أعجب بتقويمها فأخذه وعدل فيه وجعل السنة العادية 365 يوما وربع اليوم، والسنة الكبيسة 366 يوما، والسنة الكبيسة تأتي كل 4 سنوات، وهنا عرف العالم التقويم اليولياني. 

ثم جاء الراهب الروماني dionysius exiguus ديونيسيوس اكسيجونوس، في منتصف القرن الميلادي الخامس، وطالب بضرورة أن يكون ميلاد السيد المسيح وبداية التقويم بدلا من تاريخ تأسيس مدينة روما في 753 (قبل الميلاد) وأخذ العالم باقتراحه عام 532 وحتى اليوم.

ولكن ديونيسيوس أخطأ في حساباته، إذ ثبت للباحثين في ما بعد ميلاد المسيح الصحيح هو نحو أربع سنوات لاحقة. ثم جاء التعديل الغريغوري على التقويم اليولياني، بعد أن تبين، من خلال حسابات فلكية دقيقة قامت بها الكنيسة الكاثوليكية، أن السنة المدارية أطول من السنة اليوليانية بـ11 دقيقة كل 365 يوما وربع اليوم، أي ما يعادل يوما كاملا كل 128 سنة، وهنا قام البابا غريغوريوس الثالث عشر بتاريخ 4 أكتوبر سنة 1582 بإضافة 11 يوما على تلك السنة، لإضافة مزيد من الدقة على التقويم، وكذا نام الناس يوم الخميس 4 أكتوبر 1582 واستيقظوا يوم الجمعة 15 أكتوبر 1583. ولولا مكانة البابا الدينية لما قبل الناس بذلك التعديل، ولم يكن غريبا بالتالي مقاومة الكنيسة الإنجيلية للقرار، ولكنها عادت في سنة 1752 وأضافت 11 يوما لتاريخها، فتغيرت بذلك اشياء كثيرة. كما كان طبيعيا مقاومة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية والرومية للتعديل واستمرارها في اتباع التقويم اليولياني، الذي أصبح الفرق بينه وبين الغريغوري 13 يوما. ولكن هؤلاء عادوا ورضخوا للأمر تاليا وسقطت اعتراضاتهم المدنية وإن أبقوا الدينية منها، وبالتالي أصروا على أن يوم ميلاد المسيح سيبقى كما كان، وهكذا اصبح العالم المسيحي يحتفل مرتين بميلاد المسيح، يوم 25 ديسمبر للغالبية، وهم المنتمون للكنيسة الكاثوليكية وأمثالها، وميلاد آخر في الأسبوع الأول من يناير من السنة التالية للارثوذكس الشرقيين، من أقباط وأحباش وغيرهم، إضافة للروس، وغالبا في السابع من الشهر، وثمة من يحتفل في أيام أخرى من يناير، طبقا لحساباتهم الدينية الخاصة.


***

ننتهز هذه المناسبة لنتقدم بأجمل تهانينا القلبية لجميع مسيحيي عالمنا المظلوم، بعيد ميلاد المسيح، متمنين للجميع عيدا سعيدا، وعاما أفضل من الذي مر علينا بكل آلامه ومآسيه.


أحمد الصراف

 

الارشيف

Back to Top