عميرة.. والرسوم الدانمركية!

في خطبة تحت عنوان «الخلافة حافظة للدين والثروة»، ألقاها عصام عميرة في المسجد الأقصى في مايو الماضي، قال: «اليوم علماؤنا يتحدثون فقط عن جهاد الدفع: «وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يجب المعتدين»، وأن الواحد منا يحس بأنه لازم يكون مؤدباً ولا يقترب من أحد، ولا يرفع سلاحه في وجه أحد، إلا أن اعتدوا علينا، وهذا لا يجوز! فهناك نص يقول ادعوهم لثلاث خصال، فإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى الإسلام أو الجزية، فإن رفضوا، فاستعن بالله وقاتلهم، وهذا يعني أن علينا قتالهم من دون أن يقاتلونا. وليسمعها علماؤنا، إن رفض المشركون دخول الإسلام أو دفع الجزية يعني عدم تركهم «يتنعمون» بهذه الحياة الدنيا ويأكلون من مال الله ويكفرون به، وبالتالي غصباً عنهم بدنا نخضعهم لسلطان الله...»!

النص أعلاه انتشر قبل فترة كالنار في كومة قش في وسائل التواصل، بعد ترجمته إلى الإنكليزية، ولا مجال لحذفه، خصوصاً أن الرجل لم يأت. بغريب أو جديد.

ما يعنيه ذلك أن المسلمين اليوم أمام مفترق، فإما العمل بحسب رأي فضيلة عصام عميرة، وإما الدخول في حرب لا هوادة فيها ضد خمسة أو ستة مليار مشرك وكافر في العالم، ومنهم من يتحكم في كل مفاصل الثروة والقوة التقنية والهندسية والحربية، مقابل جيوش أربعين دولة إسلامية، لا تستطيع، إن اتحدت، أن تستعيد حتى نصف عكا من الإسرائيليين! أو اتباع الطريق الآخر، وقبول التعامل مع تفسير البعض للنصوص بإيمان، مع وقف التنفيذ، كما حدث مع كثير منها والتي توقف العمل بها في أغلبية الدول الإسلامية منذ قرون، والأمثلة أكثر من تحصى.

إن القضاء على «داعش» غداً أو بعد غد لا يعني شيئاً من دون تغيير بعض الأفكار الدينية التي أنجبت وخلقت «داعش»، فهذا الفكر سينجب «داعشاً» آخر، كما حدث مرات عدة طوال التاريخ الإسلامي.

فالعبرة ليست في قتل بعوضة، وهي هنا «داعش»، بل بطمر المستنقعات التي أنجبت وستنجب أمثال تنظيم دولة داعش! 

أما التعلل بأنه من إنتاج أعدائنا، كما سبق أن ادعى كثيرون بأنه من صنع أميركا أو إسرائيل أو إيران، أو القول إنهم جميعاً شاركوا في خلق «داعش» والوقوف خلفه.

كما يقول فريق رابع إن النظام في سوريا هو الذي أوجد «داعش»! وكل هذه الادعاءات أثبتت الأيام خواءها، ولكن حيث إن الجميع، ومنذ أكثر من عامين، يدين أفعال «داعش»، ويعتبرها مسيئة إلى الإسلام أكثر من الرسوم الدانمركية السخيفة! فلماذا لا نرى، ولو في عاصمة إسلامية واحدة، تظاهرة ضد «داعش»، مثلما رأينا غيرها كثيراً ضد الرسوم الدانمركية؟!

أحمد الصراف  

الارشيف

Back to Top