كيف بدأت الجريمة؟

كتبت لي سيدة باريسية تقول إنها وجدت نفسها يوما في إحدى ضواحي باريس، وفوجئت أن من كانوا حولها من فرنسيين لا صلة لهم بفرنسا، لا لباسا ولا شكلا ولا لهجة، وأن هؤلاء نتاج سياسة الحكومة الفرنسية، التي قبلت لجوءهم اليها، وهي بالتالي مسؤولة عما يحدث في فرنسا اليوم من إرهاب! فقلت لها: إن التاريخ يقول عكس ذلك، فعندما بدأت موجات الهجرة واللجوء العربي الى أوروبا، مع تردي أوضاع المعيشة والأمن في دول شمال أفريقيا وغيرها، كان المهاجر الذي يفوز بالجنسية حينها يبذل جهدا ليكون أوروبيا في لهجته ولباسه وطعامه وحتى في ثقافته. وهكذا عاشت الأقليات الإسلامية في أوطانها الجديدة بسلام وكادت أن تنصهر فيها تماما! ولكن وضعهم، والعرب منهم بالذات، تغير مع تزايد ثروات الدول النفطية، وحاجة معظمها الى دعم أنظمتها الدينية بشرعية ما، إضافة الى حاجة البعض للتكسب من الثروة الجديدة، وهكذا تم توظيف مئات الدعاة للقيام بوظيفة الإمامة وإدارة المساجد والمراكز الدعوية في مختلف المدن الأوروبية. ولم يكن التنظيم الدولي للإخوان بعيدا عن ذلك، بعد ان تنامت ثروته بشكل كبير، حيث قام بالتأثير في مختلف الحكومات الخليجية لتكون غالبية أئمة المساجد والمراكز الإسلامية في اوروبا من المنتمين الى تنظيمهم، أو من السلف. ونتيجة للشحن الديني الطائفي، تغيرت حياة ملايين مسلمي أوروبا مع تولي آلاف رجال الدين، المؤدلجين سياسيا، قيادة دور العبادة، وأصبحت أولويات المسلمين فجأة مختلفة، بعد أن شبعت بطونهم وشعروا بالأمان والقوة العددية، حيث بدأوا بالمطالبة بـ«حقوقهم»، وأخذت لحى رجالهم تطول، وملابسهم تقصر، وبنطلوناتهم تتحول الى جلابيب مضحكة مع أغطية رأس غريبة. وبدا النقاب، بعد الحجاب، يغزو شوارع اوروبا، كما أصبح المسلم أقل تحملا لأي نقد أو سخرية لمعتقداته أو افكاره، وأشد عنفا في ردود فعله، وكل ذلك بسبب الشحن الديني الذي يتلقاه يوميا، كما زادت الهوة الاجتماعية والمادية والفكرية بينهم وبين الآخرين، بعد أن اصروا على عيش حياتهم الخاصة. وزاد من تردي اوضاعهم رفضهم لتحديد النسل، أو الاكتراث بالتربية والتعليم.


وللتدليل على الدور المخرب والخطير الذي لعبته الأحزاب والجماعات الدينية، في فرنسا بالذات، وضع مسلمي ألمانيا! حيث إن أعداد هؤلاء يقارب أعدادهم في فرنسا، ومع هذا لم نجد منهم تطرفا يشبه ذلك الذي وجدناه في فرنسا، والسبب أن غالبية مسلمي ألمانيا أتراك، وهؤلاء لم يخضعوا لأي عملية أدلجة او تخريب، فبقوا مسلمين، ولكن من غير تطرف!


 


• ملاحظة:


أمرت النيابة العامة بضبط وإحضار مئات المواطنين ممن حصلوا على شهادات دراسية مزورة صادرة من السعودية، فكيف يحدث ذلك، وما العدد الحقيقي لمزوري الشهادات الدراسية؟

الارشيف

Back to Top