عن الفساد سألوني

أخطر ما يواجهه اي نظام أو مؤسسة، حتى تجارية، هو الفساد، وهذا لا يتواجد وينتشر بغير علم السلطة أو الإدارة، ضمنا او مشاركة، أو تقصيرهما. فإساءة السلطة من خلال التلاعب بأموال الدولة تؤدي دوما لانهيار أي نظام. كما أن السكوت عن الرشى والسرقات واستغلال المنصب ونهب أموال الدولة والسكوت عن جرائم بعض الكبار واقربائهم، وتطبيق القانون على الضعيف كلها تؤدي الى الهاوية.

وبالرغم من أن الفساد موجود في كل الدول، فانه ينتشر أكثر في الفقيرة والدكتاتورية منها، او الغنية التي تفتقد الأجهزة الرقابية والقوانين الرادعة. ولو نظرنا الى الكويت لوجدنا أنها تقريبا الأسهل في الحكم في العالم اجمع، وكان من المفترض، حسب المنطق، أن تكون الدولة الأقل فسادا، فعدد المساجد ودور العبادة فيها كبير جدا، ولا تشكو من فقر حقيقي، ولا من نقص الأجهزة الرقابية والمحاسبية ولا من القوانين الرادعة، وبالتالي من الصعب تخيل سبب منطقي لكل هذا الفساد غير تعلق مصالح بعض الكبار به، ولم يكن غريبا هذا الدفع شبه الرسمي باتجاه تغليب المصالح الشخصية على المصلحة العامة، على قاعدة: من صادها عشّى عياله!

لقد عرفت الكويت في تاريخها عددا كبيرا من الفاسدين إلا أن الظاهرة اصبحت الآن تشمل المستويات الأدنى بعد ان كانت مقتصرة على بعض الكبار. وكان لافتا إقرار السلطة لقانون تأسيس هيئة لمكافحة الفساد، ولكن الأمر لم يخلُ من الهفوات، فرئيس مجلس إدارتها هو وزير العدل، وهو بحكم القانون وبقية زملائه وأعضاء بقية السلطات، خاضعون لرقابة هذا الجهاز، فكيف يكون الوزير رئيسا لجهاز يقوم بمراقبة صحة تصرفاته؟ وبالتالي من الضروري ان تنص لائحة الهيئة الداخلية على منع الوزير من التدخل في شؤونها الفنية. فالفضيحة المالية الكبيرة التي كتبنا عنها قبل أيام كانت بالفعل تتفاعل منذ سنوات في اروقة مجلس الوزراء وفي اجتماعات مجلس إدارة مؤسسة التأمينات. وبالرغم من اللجان التي شكلت للنظر في الاتهامات فان التقارير النهائية كانت في كثير من الأحيان «تغمت» أو تضيع، مع تغيير وزاري أو وزير مالية جديد.

إن الانخفاض الكبير في موارد الدولة ستتبعه بصورة تلقائية زيادة وتيرة الفساد والرشوة لتمرير المخالف من المعاملات، وبالتالي ستكون مهمة هيئة مكافحة الفساد صعبة جدا، هذا إذا ترك لها المجال للعمل، ولم تكن مجرد «ممشة زفر»، وإن كانت إدارتها بالمستوى المطلوب (!) فقد بدأ اللغط يدور حول بعض قيادييها، وعن سابق سيرتهم ومخالفاتهم في تعيين اقربائهم، ومن دون اختبارات كفاءة.

***

● ملاحظة:

لا أعرف النائب السابق صالح الملا شخصياً، ولم ألتقِه، ولكني أتعاطف معه في محنته، ولا أعتقد أن حجزه أو سجنه، احتياطيا، إجراء يمكن تبريره بسهولة!

الارشيف

Back to Top