حول الحكومة وقوّتها

ا خلاف على أن وزارة الاوقاف و«الشؤون الإسلامية» تشكو من تسيب وخراب وفساد إداري ومالي غير معقول. ولا ادري لماذا تطلب الأمر تكليف وزير الداخلية بالذات، وهو الأبعد إداريا و«فنيا»، عن شؤون الاوقاف وشجونها، مقارنة ببقية زملائه، لتولي مهمة تنظيفها، وربما السبب يعود إلى كون الوزير من الشيوخ، وهم الوحيدون، كما يبدو، القادرون على القيام بما عجز من سبقهم عن القيام به، فقد سبقه الى الوزارة، في السنوات القليلة الماضية، أكثر من عشرة وزراء، دخلوها جميعا وخرجوا منها بسكوت من دون أن يهشوا أو ينشوا، وحده الوكيل العتيد والعتيق بقي صامدا وصامتا، حتى بعد حادثة حريق 11 من سياراته أمام منزله! ولا ادري لماذا لم يستقل من منصبه حتى الآن بالرغم من كل ما تعرضت له أنشطة الوزارة من اتهامات جارحة ومن سوء استغلال وخراب وتسيب من البعض فيها.

خمسون عاما وهذه الوزارة غائبة عن كل رقابة أو محاسبة، ولم يحاول أحد الالتفات لما كان يجري فيها من خراب بالرغم من عشرات الأصوات المحذرة مما كان ولا يزال يجري في أروقتها من خلافات بين بعض كبارها، ليس على تطوير أدائها، بل لاختلافهم على ما كان يرصد من أموال على أنشطتها الفارغة المعنى من وسطية وطرفية ودعاة وغيرهم، والتي لا يمكن مراقبتها بشكل دقيق، وكل مال سايب معرض للسرقة، فكيف لو استمر التسيب لنصف قرن؟ فمشاريع كـ«السراج» ومراكز الوسطية وافرعها، ومراكز التحفيظ وجوائزها، ومراكز الدراسات ومكاتبها، والتي تحولت مع الوقت لمشاريع لا يجوز الاقتراب منها، أكلت من أرصدة الوزارة الكثير، واستفاد المئات من انشطتها، وهم ربما في بيوتهم قابعون، ولم يرف جفن مسؤول عن كل هذا الخراب حتى أتى الوزير الحالي ليرفع الغطاء ولتنكشف الفضائح الواحدة بعد الأخرى.

ومؤسف أن يتم تحويل قياديين كبار في مختلف ادارات الوزارة، ذات الأنشطة الدينية البحتة، للنيابة العامة، بعد اكتشاف الكم الكبير من التجاوزات عليهم، ومؤسف أكثر عودة الوزير الحالي، في تعامله مع أنشطة الوزارة، والتصريح بأنه سيشدد على تفعيل دور مركز الوسطية في توعية الشباب وإبعادهم عن التعصب! ولعلم معاليه، فإن تقبل الآخر ونبذ الفكر المتطرف، يخالفان مبادئ الوزارة وعملها أصلا، وثبت فشلهما الذريع في التصدي لعملية الوسطية، فنشر الوسطية عملية سياسية تربوية وتعليمية، وليست دينية، وبالتالي نشر الوسطية ليس من مهام الوزارة ولن يكون!

ما جرى في الأوقاف ليس دليلا فقط على خراب غالبية من عمل بها، بل على فشل الأداء الحكومي ككل!

الارشيف

Back to Top