جرائم القردة والخنازير

منذ 14 مايو 1948، وإسرائيل تحقق النصر تلو الآخر علينا في مختلف الميادين حتى أسلحتها أصبح العالم يتسابق لشرائها. أما جامعاتها، فحدث ولا حرج فليس هناك بين الألف جامعة عربية ما يمكن اعتباره قريباً منها. وليس من الغريب أننا عشنا، كشعوب، في الصحراء لآلاف السنين، ولكن تطلب الأمر قدوم بضعة يهود أوروبيين لينجحوا في استزراع الصحراء وتحويلها إلى جنة، وليصبحوا الأكثر خبرة في العالم في هذا المجال. أما نحن فإننا، وعلى مدى 66 عاماً إما تجاهلنا وجودهم، ولم نتعلم منهم بالتالي شيئاً، أو وقفنا مشدوهين من سرعة تقدمهم، ورقي تصرفاتهم، وانكبابهم على التعليم والتطوير في كل ميدان من دون أن نقوم بفعل شيء غير فتح أفواهنا استغراباً!

نعم، إسرائيل سبقتنا في كل مجال وميدان وحقل، وشعبها أكثر انضباطاً وتنظيماً، والأمور هنا نسبية، وخطأنا الكبير هو فشلنا، على مدى كل هذه السنوات، في أن نتعلم منها حتى «فضيلة» الوقوف في الطابور. حتى مطار اللبنانيين الذين يعتقدون أنهم أفضل من غيرهم في كل شيء، فما بالك بحال بقية العرب، يحتاج اجتياز حاجز جوازاته وحواجزه الأمنية الأخرى إلى وقت طويل جداً بسبب افتقار المشرفين عليه لحس النظام. وبسبب كل ذلك، لم يكن مصادفة انتصار إسرائيل الساحق علينا في كل حروبها، وآخرها حربي 2006 مع حزب الله و2014 مع حزب حماس! والغريب أننا في كل حرب، خصوصاً تلك التي ندعي فيها انتصاراً كنا نخسر المزيد من الأراضي وثقتنا بأنفسنا!

لم تنتصر إسرائيل في حربها علينا في ميدان المعركة فقط، بل وفي كل ميدان، ووضع غزة خير مثال.

ولا أدري، لماذا يصر الكثيرون، ولست منهم، على وصف إسرائيل بالدولة المسخ والعدو؟! فكونها دولة مسخ أو غير ذلك جوابه مذكور أعلاه. أما كونها دولة عدو، فمن الواضح، من واقع تعريف العدو، وهو الذي يسعى لتوقيع أقصى ما يمكن من ضرر في الجانب الآخر المعادي، أننا أعداء أنفسنا، فملايين العرب المسلمين قتلوا بيد مسلمين عرب منذ أن تأسست إسرائيل، وفي معارك وصراعات لا علاقة لإسرائيل بها ولم تكن، حسب المعطيات، سبباً فيها!

فكم هو عدد ضحايا الانقلابات المتكررة في سوريا والعراق واليمن؟ ومعظم عدد ضحايا عبدالكريم قاسم وعبدالسلام عارف وحزب البعث وصدام في العراق، وكل من جاء بعدهم من تجار طائفية ومصاصي دماء؟ وكم قتل في معارك السودان، ودارفور والانفصال؟ وكم قتل في حروب اليمن والصومال الحزين وفي لبنان والجزائر وانقلابات وثورات تونس وليبيا ومصر واحتلال الكويت، وغيرها، وكل تلك المعارك العبثية وجرائم الاغتيال الفردية والجماعية التي يصعب حصرها، هذا غير آلاف المصلين الذين لقوا حتفهم، وهم يؤدون الصلاة، في المساجد بأسلحة هذا العربي أو تلك العربية؟ هذا غير من أحرقوا أو دفنوا أحياء أو ضربوا بالنابالم والأسلحة الكيماوية والغازات السامة، وكنا بعد كل مذبحة ومأساة نجتمع لكي نلعن أعداءنا من المشركين وأحفاد القردة والخنازير الضالين؟!

الارشيف

Back to Top