شفافية الحرس

ورد في الصحف قبل ايام خبر نتمنى أن يتكرر ما يماثله مع الجهات المدنية والعسكرية الأخرى. فقد أعلن الحرس الوطني عن إنشاء لجنة تهدف لتعزيز قيم الشفافية والنزاهة والمساءلة والعدالة، في الحرس الوطني، وتكريس الإدارة النزيهة ومكافحة الفساد. وأن اللجنة ستعمل على حماية (أو بالأحرى منع) منتسبي الحرس من استغلال المنصب، أو تحقيق منافع شخصية لأنفسهم، ومنع الوساطة والمحسوبية، وأن هذا القرار جاء تتويجا لحصول الحرس الوطني على جائزة الشفافية لعام 2013، ويتماشى مع الرغبة في مواصلة مسيرة الإصلاح المنشودة في الحرس. وأن اللجنة سيرأسها، بموجب القرار، وكيل الحرس الوطني الفريق ناصر الدعي، وعضوية ضباط كبار آخرين. وحدد القرار اختصاصات اللجنة، وصلاحياتها ومن بينها فسخ أي عقد أو ارتباط يكون الحرس طرفا فيه، إذا تبين أن هذا العقد أو الارتباط قد أبرم بمخالفة للأنظمة والقرارات المعمول بها في الحرس. كما تختص اللجنة بالمراجعة الدورية لمؤشر مدركات الإصلاح وتطويرها والإشراف على تنفيذها، وتلقي التقارير والشكاوى والمعلومات بخصوص حالات الفساد المقدمة إليها ودراستها، واستطلاع رأي منتسبي الحرس الوطني وآراء المراجعين له بشأن مؤشر مدركات الإصلاح، كما حدد القرار التزامات اللجنة وضوابط الاستدعاء والإبلاغ وجمع المعلومات.

كل هذا كلام إنشائي، في غالبه، ولكن نتمنى أن نكون مخطئين في وصفنا، ونتمنى كذلك أن تقتدي الجهات الحكومية الأخرى بهذه الخطوة، ولا شيء يمنعها طبعا من الحصول على شهادة الشفافية، لنصبح، ولو قليلا، قريبين من الدول الإسكندنافية، والعبرة هنا ليست بالكلام، بل بالتنفيذ. فمن السهل تشكيل لجان وتحديد مهامها ووضع الضوابط لها وإعطاؤها الصلاحيات، ولكن ما يأتي بعد ذلك هو المهم!

لقد قمت شخصيا بدوري، كمواطن، بالاتصال مرتين بالحرس الوطني، وكتبت مقالا في الموضوع نفسه، للفت نظرهم لحقيقة أن من الصعب أن نطلب من المنتسب للحرس أن يكون منضبطا في عمله، دع عنك شفافا، طالما أنه يجبر يوميا على مخالفة القانون، باضطراره للوقوف في الأماكن الخطأ، أمام غالبية منشآت ومكاتب الحرس، وإغلاق فتحات المواقف والممرات وتخريب الأرصفة، والوقوف حتى في منتصف الشارع، من دون مبالغة! ويحدث ذلك يوما بعد يوم بحيث أصبحت المخالفة أمرا مقبولا. وبالتالي على مسؤولي هذه اللجنة الاهتمام أولا بالمخالفات الصغيرة، ومحاولة حلها، قبل الاهتمام بما هو أخطر، فمرتكبو المخالفات الصغيرة اليوم هم مجرمو المستقبل، هكذا يقول علم النفس وتقول سجلات وزارة الداخلية وتجاربها، وفهمكم كاف.

الارشيف

Back to Top