من الذي فشل؟

في عام 1999 قام شخص نكرة برفع دعوى "حسبة" على المفكر الكويتي الراحل "أحمد البغدادي"، واتهمه بالإساءة لمقام النبوة، عندما قام (البغدادي) من خلال نشرة جامعية داخلية، بوصف عملية هجرة النبي من مكة بأنها جاءت نتيجة فشله في إقناع أهله في مكة باتباع الإسلام دينا، أو فرض تعاليمه على المشركين في المجتمع المكي. وقد كان الحكم بسجنه شهرا حكما قاسيا، ولكن عفوا أميريا صدر أسقاط أكثر من نصف المدة عنه.

ويذكر أنه سبق أن تلفظ وزير تربية سابق، في لقاء صحفي، بنفس المعنى ولكن لم يتخذ في حينه أي إجراء بحقه.

وبالرغم من أن الرحل البغدادي عدل من كلمة فشل إلى "لم يوفق"،  وأضاف لذلك بأن الرسول نجح في أماكن أخرى ومنها المدينة، وأن الفشل يعود للممارسة نفسها وليس للشخص، إلا أن أعداءه من دهاقنة الأحزاب الدينية كانوا أقوى منه فحطموا حياته، وكانوا السبب، بطريقة غير مباشرة، في إصابته بمختلف الأمراض ومفارقته الحياة بعدها بسنوات، بعد تتالي الدعاوى القضائية عليه ومضايقته في عمله وعيشه.
المؤلم في الموضوع أن ما حصل لم يكن لعدم قانونية ما قيل، بل بسبب عجز المجتمع المدني في الدفاع عنه وحفظ حقوقه والعمل على إسقاط نظام الحسبة، الذي كان، ربما لا يزال، سلاحا بأيدي أعداء الحرية، فقد استخدموه مرة أخرى ضد البغدادي في عام 2005 بسبب رأي سطره عبر مقالة، وحكم عليه بالسجن سنة، مع وقف التنفيذ!.
وقبل ايام قليلة قام أحد "كبار" جمعية الإصلاح الاجتماعي، الفرع المحلي لحزب الإخوان المسلمين، التابع للتنظيم الدولي للإخوان، وفي مقابلة مع قناة اليوم، برنامج "الكلام الحر"، وفي معرض دفاعه عن حزبه في مصر وفشل رئيس "محمد مرسي"، بوصف ذلك الفشل بأنه عادي، فقد فشل الرسول قبله في هداية أهل مكة في بداية دعوته!

وحيث أن الجماعات غير المحسوبة على هذا القيادي تؤمن بحقه في التعبير عن رأيه بالطريقة التي تناسبه، وتترك أم محاسبته للنيابة، وحيث أن قضايا الحسبة لا يتقنها غير جماعته، ومن لف لفهم من سلف وتلف، فإن أحدا من جماعته، أو حتى خصومه الدينيين، لم يكلفوا أنفسهم برفع قضية ضده، كما فعلوا مع المفكر البغدادي، وهذا ما يسمي بالجبن الاجتماعي والنفاق الديني!

الارشيف

Back to Top