الغباء النافع

«.. الغباء ليس ضارا دائما، فله منافعه»! حكيم

• • •

لا أؤمن بالحظ، ولكني سأكتب عنه هنا وكأنه حقيقة!

في الثاني من أغسطس مظلم من عام 1990، أرسل صدام كتائب حرسه الجمهوري لتحتل الكويت، وأمعن في عروس الخليج اغتصاباً، بعد إلحاقها بأمها، العراق! ولا أدري لم القتل والاغتصاب إن كان الفرع قد عاد للأصل، أو للأم، كما ادعى في حينه؟ وقد تحولت الكويت خلال ايام قليلة من الاحتلال لتصبح بالفعل المحافظة رقم 19، بعد أن غاب عنها وهجها وأصبحت كئيبة كأي مدينة عراقية مظلمة تفتقد الأمن والرفاهية ورغد العيش!

لم يستمر الاحتلال أكثر من سبعة أشهر وبضعة ايام قبل أن تشن قوات 34 بلدا، بقيادة أميركا، حربا سريعة أنهت حكم صدام للكويت، وكان خروجه، او هروبه المذل، بداية سقوط حكمه وحكم أسرته الفاسدة والمجرمة.

خلال تلك الفترة اختفت صحافة الكويت، الأقرب للصحافة الحرة، وتوقف صدورها وسرقت مطابعها، وزال الرخاء الذي كان ينعم به الكويتي والمقيم، بمن فيهم عراقيون اخوة وشرفاء، وعمت السرقات، وتبعتها محاكمات صورية لأفراد المقاومة وإعدامات ميدانية لهم، والتمثيل بجثثهم، والإصرار على رميها أمام بيوت أهاليهم ومنعهم من دفنها لأيام، إمعانا في تعذيبهم! وكان بإمكان صدام الاستفادة لأقصى ما يمكن، سياسيا وعسكريا وماديا من احتلال الكويت، والانسحاب منها في الوقت المناسب، وكسب احترام الدول، غير مليارات الدولارات التي كانت ستصب في حساباته وأهله ورفاقه. كما كان بإمكانه الانسحاب، ومن بعدها ابتزاز الكويت بعدها المرة تلو الأخرى، لولا أن....!

في مصر وصل حزب الإخوان المسلمين، بعد انتظار طال لــ83 عاما، وصل لتحقيق حلمه، وكان بإمكان الحزب البقاء للأبد على كرسي الحكم، وكتم انفاس الشعب المصري، وجعل مصر قاعدة لانطلاق حكم الحزب لدول أخرى، وتحويل مصر تدريجيا الى دولة ملتحية ومحجبة ومنتقبة، بعد إغلاق مصانعها، واستبدالها بدور عبادة لفئة واحدة فقط، وتفريغها من «كفارها»، لولا أن...!

لولا أن ما انقذ الكويت من بلوى «بعث صدام»، وانقذ مصر من شر «مرسي الإخوان» هو غباء الاثنين! فغباء صدام، على الرغم من كل ما أشيع عن دهائه. وغباء مرسي علىالرغم من كل ما قيل عن «منجزاته العلمية»، التي لم تكن إلا ادعاءات فارغة، فالرجل كان بالكاد يتكلم الإنكليزية بطلاقة، إلا أن طبعهما غلب تطبعهما، وهذا أنقذ الكويت ومصر من شر الطرفين! وهكذا نرى أن للغباء، أحيانا، فوائد عظمى!

الارشيف

Back to Top