خاتون وسمية والمرور

 فهم بعضهم انتقادنا للواء عبد الفتاح العلي، وكيل المرور، بعدم اتفاقنا على كل ما يقوم به من جهود لمحاربة التسيب المروري في الدولة، والعكس هو الصحيح؛ فاعتراضنا انصب على فحوى تصريحاته فقط، التي لو خفّف منها وركز على عمله لأنتج أكثر وناله نقد اقل. ففي تصريح صحفي أدلى به أخيرا، في معرض تبريره لأسباب ازدحام الطرقات بالمركبات في أوقات الذرورة، قال إن شوارع الكويت مصممة لكي تستوعب 800 ألف مركبة في اي وقت، في حين يبلغ فيه عدد المركبات المسجلة لدى إدارة المرور ضعف هذا الرقم، ولهذا يحدث الازدحام! وهذا تصريح يفتقد الدقة والمسؤولية طبعا، فلا يمكن ان تكون كل مركبات الكويت في الشارع في أي ساعة من ساعات الليل أو النهار، لكي تضيق بها الشوارع! فهناك نسب عالمية يمكن الاستفادة منها فيما يتعلق بالسيارات التي يمكن أن تتواجد في الشارع في اي لحظة، وفي الذروة!، و«قد» يكون الرقم في الكويت بحدود 500 ألف مركبة مثلا، وهو اقل بكثير من القدرة الاستيعابية للطرقات، وبالتالي فإن نسب المقارنة التي ذكرها اللواء العلي غير صحيحة، ويجب عليه التخلي عنها لإقناعنا بسبب المشكلة. فكثيرون في الكويت يمتلكون اكثر من سيارة، ويستحيل عليهم قيادة أكثر من واحدة في وقت واحد. وآخرون يمتلكون سيارات ولا يتواجدون في الكويت طوال الوقت، كما يستعين غيرهم بمن يقوم بتوصيلهم بدلا من استخدام سيارتهم، وآخرون يتجنبون القيادة في ساعات الذروة. وبالتالي ربما يكون من الأفضل استخدام رقم حاملي رخص القيادة، بدلا من عدد المركبات، وخصم ما نسبة %15 إلى %20 من الرقم، ومقارنته بالقدرة الاستيعابية للطرقات في الكويت!

***

• ورد اسم خاتون وسمية في زاوية «شيء من الماضي» في القبس قبل ايام، في إشارة إلى الطبيبة الأميركية ماري اليسوت التي جاءت الكويت مع الارسالية الأميركية عام 1934، وغادرتها بعد ثلاثين عاما من العمل المخلص إلى البحرين! وقد ذكرني التنويه بحادثة طريفة وقعت قبل عشرين عاما، وسبق أن تطرقت إليها في مقال سابق، تتعلق بالدكتورة وزملائها، وذلك عندما أعلن رجل أعمال، بعد التحرير مباشرة، عن نيته افتتاح مستشفى بتقنية أميركية، وإطلاق اسماء أطباء وطبيبات مستشفى الارسالية الأميركية على أجنحته، تقديرا لدورهم الإنساني مع بداية القرن العشرين، وعرفانا للدور الأميركي الحيوي في تحرير الكويت بعدها بثمانين عاما، وقام المستثمر بنشر إعلانات ملونة في مختلف الصحف، وهنا طلبت منه المطبوعة الناطقة باسم جمعية الإصلاح، الفرع المحلي للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، نشر الإعلان نفسه لديها، واشترطت عليه عمل بروفة لصور الطبيبات، ومنهن خاتون وسمية، وتغطية رؤوسهن بايشاربات، لأن المجلة «الوقورة» لا تنشر فيها صور سيدات بشعر مكشوف! رفض المستثمر هذا «الدجل»، وأصر على بقاء الصور كما هي، وخاصة أن صاحباتها وورن التراب منذ عقود! بعد شد وجذب تم الاتفاق على الاكتفاء بذكر أسماء الطبيبات في الإعلان تحت مربعات فارغة من الصور! وهذا هو «حد يوش»، أو مستوى تفكير، هذه الجماعات التي تسعى لحكم الدول العربية والإسلامية، وكأن ما نعانيه من مصائب وتخلف يمكن القضاء عليه بوضع ايشارب على صورة سيدة ماتت قبل نصف قرن!

الارشيف

Back to Top