وهم الدولة الدينية

ربما كان وصول التيار الديني المتمثل في الإخوان للحكم، وسقوطهم السريع، أفضل ما حصل عليه الوطنيون في صراعهم السلمي مع قوى التخلف والظلام، كما كشف سقوطهم وصوليتهم، وعقم كل ادعاءاتهم بالاستقامة والزهد، فقد طمأنوا الجميع في البداية بأنهم لا يسعون للفوز بالأغلبية البرلمانية في مصر، ولا شغل مقعد الرئاسة! ولكن ما ان حانت الفرصة حتى قفزوا للحكم، متناسين وعودهم، غير عابئين بالأبرياء الذين تعرضوا للدعس والموت تحت اقدامهم، كما فضح فشلهم الكثير من غلاة مؤيديهم، وكشف سطحيتهم وبذاءة حججهم ودمويتهم، ومن هؤلاء يوسف القرضاوي، رئيس ما يسمى بــ «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين»، عندما طالب في عدة خطابات «ساذجة»، تمتلئ بالحقد والضغينة، جميع المصريين، بالخروج من بيوتهم لمناصرة المعتصمين بميداني رابعة والنهضة، لافتا إلى أن هذا الأمر فرض على كل مسلم، مطالباً الجنود بعدم سماع الأوامر بضرب المعتصمين بالنار. وقال، في كلمته التي بثت من قناة الجزيرة، إن على مسلمي العالم أجمع أن يخرجوا في هذه الليلة، ويدعوا الله لإخوانهم المسلمين في كل دول العالم، وأن يصلوا، والله يسمع السر، وأن يذهبوا للسفارات المصرية في كل دول العالم ليوصلوا أصواتهم! وقال: فبعد أن حلمنا سنوات طويلة بالحكم، وعندما وصلنا بعد عام واحد فقط أخذوا «مننا» هذا الحلم! (هل هذا اسلوب رئيس علماء؟)، وبالطبع لم تستجب أي جهة لأدعيته، كما حلم، أو توقع. وفي خطاب آخر بث من الجزيرة هاجم القرضاوي، وبلهجة غير مقبولة، مواقف زعماء السعودية والكويت والبحرين والإمارات، من أحداث مصر الأخيرة، ووقوفهم بجانب النظام الحالي في مصر، وصدرت منه، وهو في قمة تحزبه البغيض، كلمات ما كان يجب ان تصدر من شخص مثله يدعي كل هذه «المعرفة»! أما في الكويت فقد تباكى بعض «مشبوهي» الإخوان والمتسترين منهم على المصير الذي لقيه «إخوانهم» في مصر، ولم يكتفوا بالتباكي عليهم، والمناداة بإعادة تنصيب شخص متواضع الإمكانات على كرسي الحكم، بل ولم يترددوا في تسطير المقالات في مناقب الإخوان وفضائلهم، والدفاع عن المخزي من مواقفهم اثناء الغزو والاحتلال، متناسين أن إخوان الكويت لعبوا على أكثر من حبل، فتواجد البعض منهم في مؤتمر الطائف، الذي سبق ان شاركت فيه، وتواجد غيرهم في مؤتمرات معادية للكويت كلاهور واجتماعات عمان!

لقد ذهب السحر وانكشفت ألاعيب السحرة، ولن تفيد محاولات البعض التغطية على الفتق الكبير الذي أصاب سمعة الإخوان، وما كان يشاع عن قدراتهم التنظيمية، فقد تبين ان كل ما كان يقال عنهم كان مبالغا فيه، وهم لم ينجحوا في غير مجالات حياكة المؤامرات والمشاركة في عمليات الاغتيال وتصفية الخصوم، وتشويه سمعة مناوئيهم، وتكوين الشركات لتحقيق الشخصي من مصالحهم.

الارشيف

Back to Top