فشل الطائفية

 يقول المفكر العراقي علي الوردي: الطائفية ليست ديناً إنما هي نوع من الانتماء القبلي إلى مذهب أو شخص معين. والفرد الطائفي حين يتعصب لمذهبه لا يهتم عادة بما في ذلك المذهب من مبادئ أخلاقية أو روحية، فذلك أمر خارج تفكيره، وكل ما يهتم به هو ما يوحي به التعصب من ولاء لجماعة وعداء لغيرهم، أو بعبارة أخرى ينظر إلى طائفته كما ينظر البدوي لقبيلته.

 ***

أعترف بأنني سررت، إلى حد ما، من نتيجة الانتخابات الأخيرة، وسأكون مسروراً أكثر إن خيب الأعضاء الجدد توقعاتي، واستطاعوا أن ينجزوا شيئاً ما. ومصدر تشاؤمي معروف، فسبق أن تطرقت إليه في مقالات سابقة. أما مصدر سروري النسبي، فيعود إلى ما كشفته هذه الانتخابات، ربما لأول مرة منذ سنوات، عن تغير مزاج الناخب التقليدي، وتفضيله هذه المرة المرشحين الأقل تطرفاً في طائفيتهم من غيرهم، إن من خلال سابق مواقفهم، أو ما حملته له رسائلهم الانتخابية من بعد عن العصبية. حيث نجد أن ممثلي التيار السلفي الذين نجحوا في الانتخابات هم الأقل تطرفاً في مواقفهم المذهبية. والأمر ذاته ينطبق على من نجح من نواب شيعة، حيث نجد أن أغلبية من نجح هم المعتدلون أو الذين أصبحوا أكثر اعتدالاً في طروحاتهم الطائفية، بعد أن عركتهم الحياة وعقلتهم، وجعلتهم عمليين ووطنيين أكثر من ذي قبل. ومن لا وطن له لا مذهب له، واسألوا سيئي الحظ من لاجئي العالم إن كانت «عصبيتهم» المذهبية، في حال وجودها، قد جعلت معاناتهم أقل وطأة!

والإنسان السوي ينزع للحرية ويتوق إليها، ويسعى من خلالها إلى تحقيق كرامته، ولا يمكن أن يكون الإنسان حراً إن لم يكن يعيش في مجتمع حر يحفظ له كرامته، ولا يمكن أن يكون حراً إن كان مقيداً بعصبية دينية مذهبية أو عرقية وقبلية.

كما أن سروري يعود إلى فشل بعض النواب السابقين، الذين نجحوا في انتخابات سابقة، ومنهم سارق الخيام ورفيق دربه، والذين لم يمتلكوا يوماً من مؤهلات النجاح غير القدرة على تأجيج العواطف والعزف النشاز على وتر العصبية المذهبية. هذا السرور بفشلهم فاق سروري بنجاح عدد لا بأس به من أصحاب الوجوه الوطنية الجديدة التي نأمل منها خيراً!

وبقدر سروري بنجاح معصومة المبارك وصفاء الهاشم، فقد حزنت بالقدر نفسه لعدم تمكن مجموعة جيدة من الشخصيات في الوصول إلى سدة التشريع ومن هؤلاء السياسي المخضرم عبدالله الرومي وأحمد لاري ونبيل الفضل، وطبعاً الإعلامي يوسف الجاسم، الذي كان وجوده في المجلس التشريعي سيمثل إضافة مهمة، ولكن ما العمل وبعض الشعب قد اختار من يمرر له مصالحه الخاصة، على من يمرر مصالح الأمة!

الارشيف

Back to Top