نعطل ان عطلتم

لم يتأخر رجل دين سعودي معروف وعضو هيئة كبار "العلماء"، في وصف نية السلطات السعودية الاقتداء بالدول الخليجية وجعل العطلة الأسبوعية يومي الجمعة والسبت، لم يتأخر في القول بأن ذلك يتضمن تشبها باليهود والنصارى، فهؤلاء مغضوب عليهم ومن الضالين فكيف يجوز التشبه بهم؟ فاليهود يعطلون يوم السبت، والنصارى يعطلون يوم الأحد؛ تعظيمًا لهما! ولو آمنا بمنطق هذا الرجل فمن الأولى أن ندعوه للنظر حوله وتفحص كل ما يتضمن تشبها باليهود، المغضوب عليهم، والمسيحيين، الضاليين، والطلب بالبعد عنه وتجنبه! فهؤلاء اليهود والنصارى يستخدمون مثلا المركبات في الذهاب لأماكن العبادة، ويجب بالتالي أن نتوقف عن استخدامها، لأن في ذلك تشبها بهم. كما أنهم من أوائل من استخدم البندقية في قتال أعدائهم، واستخدامها الآن منا فيه نتشبه بهم، وعلينا العودة لاستعمال السيف والسهم والخنجر والمنجنيق! كما أن النظر للساعة لمعرفة مواقيت الصلاة  في شبه التشبه بالمغضوب عليهم وبتابعيهم من الضالين، ويجب أن نتخلى عن ساعاتنا ونكتفي بتخمين أوقات الصلوات، وليس بالنظر لها أو انتظار دقات المنبهات. كما أن الضالين، ومنهم الأخ "جراهام بيل" كان أول من أجرى مكالمة صوتية من جهاز عجيب، سميناه نحن بالهاتف، تحدث عبره مع "توماس أديسون"، عبقري عصره، ليرد عليه الأخير بكلمة "هلو"! وهي بالمناسبة اسم صديقته التي كانت تعيش معه وقتها، وتبعه العالم ونحن معه في استخدام تلك الكلمة عند الرد على الهاتف، فهل يشك أحد أن في استخدام هذا الجهاز وتلك الكلمة "الموحية بالجنس" لا يشكل تشبها بالضالين الخرمانين؟ كما يجب علينا التوقف كليا عن استخدام جميع أنواع وسائل التواصل الحديثة ولا نقول "هلو"، بل نعود للوسائل القديمة وإرسال رسائلنا مع "مطراش" يحملها على فرس أوجمل، لمن نريد إبلاغه أمر ما، ولو حدث ذلك لما سمع أحد برأي صاحبنا إلا بعد فوات الوقت وتطبيق قرار العطلة، حيث ستأتي رسالته على ظهر بعير لن يصل قبل شهر، ويكون الوقت قد فات! كما أن استخدام المرحاض الغربي فيه تشبه بالضالين والمغضوب عليهم جدا، فهم أول من استخدمه، وتبعناهم والعالم أجمع بالجلوس المريح عليه، فهل نتخلى عنه، ونعود لوضع القرفصاء الذي أصبح لا يلائم ركب الكثيرين منا، ومنهم صاحب فتوى حرمان التشبه بأحفاد القردة والخنازير من المغضوب عليهم والضالين؟ وهل يمكن أن يتخيل صاحبنا ما سيكون عليه وضع الأماكن المقدسة مع نهاية موسم الحج من غير هذه الوسيلة المريحة والصحية! وماذا عن الأدوية التي صرف الضالين المليارات على انتاجها، وصرفنا أكثر منها ثمنا لها، فهل نتخلى عنها الآن ونعود للعلاج ببول البعير، كما طالب "زغلول البطران"؟ وهل يمكن لأي كان تخيل ما ستكون عليه حياتنا جميعا في عالم يخلوا من كل ما أنتجه الفكر والحضارة الغربية من ملايين المخترعات والمكتشفات؟ وهل ينكر أحد أن أدوات هذه الحضارة هي التي حاكت عباءة صاحبنا ونسجت ثوبه، وأوصلت رسالته، وخففت آلام ركبه، وقللت من تأثير مرض السكر عليه، وحملته في زياراته اليومية ولمكان عمله بسرعة وسهولة، وبردت ماء شربه، وصنعت فنجان قهوته! نعم، نتفق معه أن جعل العطلة يومي الجمعة والسبت فيه تشبه باليهود المغضب عليهم، والضالين النصارى، وأنا شخصيا على استعداد لأن أعطل يوم الجمعة فقط، ولكن هل هو أو غيره على استعداد للتخلي عن كل الأشياء الأخرى التي أخذناها من المغضوب عليهم والضالين؟

الارشيف

Back to Top