الصراف والحرية

قال الاستاذ احمد الصراف في مقابلة مع تليفزيون الشرق الاوسط ما معناه "ان الخلاف حول الكتب الممنوعة هو خلاف حول الحرية وهو خلاف بين الممنوعة هو خلاف حول الحرية وهو خلاف بين اتجاهين : اتجاه يريد ان ينعزل واتجاه يريد ان يكون منفتحا" ولي تعليق علي هذا الراي من خلال النقاط التالية :
1) لماذا نربط بين كتب تافهة تتجرا علي عقيدتنا الاسلامية وبين الحرية؟
فكان الحرية هي ان تقول ما نشاء من الحاد وكفر والفاظ جنسية والتحدث عن اعراض الناس والسخرية من اشكالهم ...الخ فكثير من الدول تمنع بقوانينها او بقراراتها نقد حكامها او حكام الدول الصديقة حتي ولو كان النقد موضوعيا فاذا كان الحكام لهم هذه الحصانة اليس من باب اولي ان تكون هناك حصانة اكبر لله سبحانه وتعالي وللانبياء ولعقائدنا ؟
ومن البديهيات اننا عندما نتحدث مع ابائنا وامهاتنا نتحدث بادب واحترام وحرية للقول محدودة , ترفض ان يكون من معني مفراداتها كلمة "اف" كما جاء في القران الكريم , فحرية القول والكتابة والتاليف لها حدود وضوابط عقائدية واخلاقية وعقلية .. واذا لم نلتزم بها فنحن نفتح ابوابا للشر والسخرية والفساد الاخلاقي والكراهية والعنف .. الخ وهذه واقع مشاهد .
2) لا شك ان الحرية والعدل او المساواة اهداف عامة نسعي لها جميعا ولكن لها مفاهيم محدودة حسب كل عقيدة ومبدا , فالعدل في الشيوعية يختلف عن العدل والحرية فلا بد ان نتفق علي مراجعنا في تعريف العدل والحرية وعلي سبيل المثال :
اصدار المجلات الجنسية يعتبر من الحرية في الدول الراسمالية , فالمطلوب ان يحدث حوار وطني لبيان نوع الحرية بناء علي مبادئنا الاسلامية ودستورنا وواقعنا , وان نرفض اي اراء او اجتهادات ليس لها سند شرعي وبالتاكيد ان مبدانا الاسلامي يتسع لانواع كثيرة من الحرية السياسية والاجتماعية والاقتصادية وهي حرية اكثر بكثير مما تعطينا الدساتير والقوانين العربية ومنها الدستور الكويتي وسنتفق علي السماح لكثير من الكتب المفيدة بالدخول ... ويكفي ان نتذكر لكمات الامام علي كرم الله وجهه للخوارج عندما اتهموا بالانحراف والكفر مع انه امير المؤمنين فقال " انتم احرار مالم ترفعوا علينا سلاحا"
3) من الخطا ان تكون الحرية والايمان بها هما والمرجع في الحكم علي الصواب من  الخطا من الاعمال والاقوال والاقتراحات والافكار والمبادئ بمعني اننا نرفض هذا الاقتراح والافكار والمبادئ بمعني اننا نرفض هذا الاقتراح او المبدا او حتي الفكر لانه ضد الحرية , وذلك لان الحرية "المرجع" ذات مفاهيم كثيرة ومتناق    ضة تختلف باختلاف العقول البشرية فيصبح عندنا مئات , بل الاف المراجع التي تعطينا معاني كثيرة ومتناقضة للحرية , ولن يستطيع احدا انيقنعنا بان المعني الذي يتبناه هو المعني الصحيح للحرية وهذا التناقض يعني ان الاغلبية الساحقة من هذه المعاني خاطئة فاتخاذ الحرية العقلية مرجعا سيؤدي الي اختلاف وصراع بين البشر في تحديد الصواب من الخطا لتناقض المراجع المستخدمة وهذا ليس اجتهادا او تنوعا صحيحا للاراء بل هذه اختلافات جذرية مدمرة , فالمطلوب والصحيح هو ان نبحث عن الحق والصواب في المبادئ والايديولوجيات واصولها من اسلام وعلمانية وراسمالية وشيوعية ..الخ
ونبحث عن الادلة العقلية التي تثبت صوابها او خطاها فاذا وصلنا للمبدا الصحيح فسنصل بعد ذلك للمعني الصحيح للحرية وللعدل مما سيساهم في اتفاق المخلصين , واذا وجدت بينهم خلافات فستكون دفاعنا عن الحرية هو دفاع عن حرية حقيقية وليست حرية مزورة او حرية بالف معني .
4) لا اعتقد ان اهل الكويت مختلفون حول خطا السماح لبعض الكتب التي تتعرض للذات الالهية واذا وجد من يعترض فهذه حالات شاذة جدا ولا وزن لها فكريا او سياسيا او حتي عقليا , لانها تخالف عقيدتنا ودستورنا وقوانينا . ولكن هناك اختلافا حول هل هناك ضرورة لاستجواب وزير الاعلام ام لا ؟ وهذا اختلاف مقبول ولا داعي لان يكون حوله صراع واختلاف وتشنج وانفعال .
رببط هذه القضية بقضايا كبري فكرية وسياسية واتجاهات واحزاب وجماعات هو ربط خاطئ لن يجعلنا نصل الي الحق والصواب في هذه القضايا فهذه قضايا الشعب بمختلف قواه الفكرية والسياسية وتحتاج الي مشاورة علماء ومتخصصون ودراسات علمية وهدوء وحكمة وتحكيم ..الخ
وهو لا يعالج بقانون من مجلس الامة بقرار من الحكومة فالمشكلة اكبر بكثير من صلاحيات وقدرات المجلس والحكومة .
5) تقسيم المجتمع الي اتجاهين :
اتجاه مع الحرية واتجاه ضدها وهو تصور غير صحيح وبناء علي هذا التقسيم نستطيع ان نضيف تقسيمات اخري مثل اتجاه مع الحكومة واتجاه مع الاحتشام والحجاب واتجاه مع التقليد الاعمي للغرب واتجاه وطني وقومي , واتجاه مع الصلاة والاعمال الخيرية واتجاه ضدهما ...الخ
باختصار , النظر للمجتمع الكويتي وتقسيمه بهذه الصورة فيه ظلم للحقائق الفكرية والتاريخية السياسية , ونامل ان يتعاون المخلصون الواعون في سبيل تشخيص حالة المجتمع الكويتي تشخيصا صحيحا حتي يتمكنوا باذن الله من اخراجه من الحالة الخطرة الحالية .
6) بيان اختلاف الراي بيني وبين الاستاذ احمد الصراف لا يمنع اتفاقي معه في اغلب ما قاله في المقابلة التلفزيونية , وكذلك اتفاقي معه في كثير من ارائه الا يضعني احيانا في الحالة حيث وضعته وزارة الصحة او وزارة العدل .

الارشيف

Back to Top