السمعة العالمية السيئة!

يقول عبد العظيم حماد، وهو صحافي مصري مرموق، إن «ثورة 25 يناير لم تقم فقط من أجل تعديل دستور ولا من أجل طريقة انتخاب رئيس وتحديد فترة رئاسته، بل إنها قامت من أجل تجديد مصر مجتمعا ودولة تجديدا شاملا عبر تأسيس دولة مؤسسات ديموقراطية حديثة تنظم العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتستوعب قيم العصر». ويضيف في كتابه الذي حمل عنوانا فرعيا هو «صراع الخوذة واللحية والميدان.. رؤية شاهد عيان» أن دور الدولة الحديثة أكبر من استخدام السلطة «لإدخال المواطنين الجنة وإبعادهم عن النار في الآخرة»، بل يكمن دورها في توفير الحياة الكريمة للمواطن وحماية أمنه في الداخل وضمان قوة الوطن بحفظ حدوده. انتهى.

ولو نظرنا لما فعله الإخوان أو المتشددون دينياً، سواء في مصر أو أفغانستان أو إيران أو تونس أو السودان وباكستان ومصر وغيرها، لما وجدنا أن أياً من سلطات هذه الدول، أو على الأقل غالبيتها، انشغل يوما بأمور حفظ كرامة المواطن وحماية أمنه، فمرتبة المواطن، أو المواطنة بالأحرى، تأتي في ذيل اهتمامات سلطات هذه الدول، الدينية السياسية، وإن اهتمت بها فهذا يكون عادة من خلال الاهتمام بحرمانها من التعليم ومراقبة سلوكها ووضع ضوابطه، وما يجب عليها ارتداؤه، ومنعها من الخروج من الدولة بغير إذن «الذكر» الذي تتبع له، زوجا، أبا أو جدا، أو حتى أخا جاهلا يصغرها بسنوات! كما نجد أن اهتمامات هذه الدول بعيدة عن كل ما له علاقة بالفرح أو التسلية، حتى البريئة، ونجدها تتخبّط في قرارات سخيفة لا معنى لها، من ضرورة إعلام الزوج بسفر زوجته، برسالة هاتف قصيرة، أو منع الذكر من ارتداء ربطة العنق، واختزال معاداة الغرب بقطعة القماش تلك، وغض النظر عن بقية قطع ملابسه الغربية، وكأن المقصود هنا فقط الاقتصاص من تجار الكرفتات ومصنعيها، لجريمة سرية سبق أن ارتكبوها ربما بحق المرشد!

ما يؤلم حقاً هو منظر النساء المتشحات بالسواد، ومدارس البنات المغلقة، واختفاء المرأة من شوارع أي مدينة يحتلها هؤلاء الغرباء، والدموع الغزيرة التي تنساب من عيون عطشى للحرية والكرامة والعلم في كل مرة تقع فيها مدينة أو دولة في قبضة هؤلاء المتشددين الذين شوّهوا سمعتنا في العالم أجمع وحوّلونا إلى مجموعة من الأوباش غير المكترثين بأي قيم إنسانية أو كرامة بشرية، والذين يصرّون على وضع السيوف في خواصر بعضهم، على صيحات «الله أكبر»، لدفعهم لدخول جنتهم، وهم «صاغرون»!

الارشيف

Back to Top