125 ألف مصنع (!!)

قمت قبل فترة قصيرة بزيارة لتايوان، والتي تسمى بفرموزا احيانا وجمهورية الصين رسميا.
وبالرغم من انها لم تكن الاولى وكانت زيارة قصيرة، الا انني خرجت من تلك الرحلة بحصيلة كبيرة من المعلومات القيمة عن شعب تلك الجزيرة العجيبة.
لا يتجاوز حجم تايوان اكثر من ثلاث مرات حجم الكويت، الا ان عدد سكانها يقارب 22 مليون نسمة، اي عشرة اضعاف سكان الكويت بكافة فئاتهم.
تأسست تلك الدولة في العشرينات من القرن الماضي، واكتسبت اهمية عظمى بعد ان لجأ اليها حاكم الصين (1928 ـ 1949) الجنرال شيانغ كاي شيك عام 49 هربا من الشيوعيين بقيادة ماوتسي تونغِ اسس فيها نوعا من الحكم الديموقراطي بقيادته الدكتاتورية، واصبحت تايوان او الصين الوطنية عضوا في الامم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية وأحد الاعضاء الدائمين الخمسة في مجلس الامن.
بالرغم من ان كافة دول العالم كانت تعترف بتلك الدولة بسبب وضعها في مجلس الامن ووقوف الولايات المتحدة معها، الا ان موقفها الدولي تزعزع كثيرا في السنوات الاخيرة بعد ان تم طردها من الامم المتحدة واحلال الصين الشعبية محلهاِ وزاد وضعها تدهورا على الصعيد الدولي مع عودة هونغ كونغ ومكاو للسيادة الصينية، حيث اصبحت تايوان الوحيدة الخارجة على طاعة الصين الشعبية.
لا توجد اليوم دولة واحدة تعترف بتايوان كدولة مستقلة ذات سيادة، ولا وجود بالتالي لسفارات او قنصليات فيها، ولا ترفرف اعلام الدول الاجنبية في شوارع عاصمتها المزدحمة مثل ما هي الحال مع بقية عواصم العالمِ وبالرغم من كل ما يكتنف الحياة في تلك الجزيرة من اخطار تتمثل في احتمال انهيار نظامها في اي يوم وعودتها صاغرة للصين الشعبية دون قيد او شرط، الا ان لا احد يبدو، مكترثا، لذلك الامر، فالمصانع تعمل بكامل طاقتها والاقتصاد مزدهر والاسعار عالية والتضخم منخفض ولا توجد بطالة اطلاقا، بل العكس هو الصحيح، حيث تعاني تايوان من مشكلة تماثل تلك التي نعاني منها في الكويت، وتتمثل في وجود سوق كبيرة ل'تجار الاقامات'، حيث ان الاجور العالية التي تدفع مقابل القيام بالاعمال الوضيعة تشجع مواطني الدول الفقيرة المجاورة، ومنها الصين الشعبية على محاولة التسلل الى تلك الجزيرة، او دفع مبالغ كبيرة للحصول على اقامة عمل فيها.
يبلغ عدد المصانع في تلك الدولة اكثر من 125 ألف مصنع تقوم بصناعة مختلف انواع السيارات الاميركية واليابانية بتراخيص، خاصة وصناعة ملايين قطع الغيار للسيارات والدراجات الهوائية والنارية والسفن ومئات آلاف السلع والمنتجات دقيقة الصنعِ وتقوم الشركات الاميركية بانتاج 50 في المائة من حاجتها من اجهزة الكمبيوتر في تلك الجزيرة.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top