وراء الستار

لا يوجد في طول وعرض وارتفاع العالم العربي والاسلامي برمته شعب دولة واحدة يتمتع بما يتمتع به المواطن الكويتي من حرية تتعلق بالقول والحركة والتصرفِ ولا يعود ذلك، بطبيعة الحال، الى نقاء وتقدم الحريات في هذا البلد، ولا الى ديموقراطيته الخيالية التي ليس لها نظير بقدر ما يعود الأمر الى تخلف أنظمة غالبية الدول الاخرى و'لا ديموقراطيتها' وافتقار معظمها، بما فيها الكويت، ان لم يكن كلها لأبسط متطلبات حرية القول والتصرف والحركة والعمل.
لدينا مجلس تشريعي يمثل مصدرا لكافة السلطات، ولدينا نظام قضائي متكامل يدعو للفخرِ ولدينا حكومة، توقفت منذ مدة عن وصف نفسها بالرشيدة بعد ان اقتنعت هي وأقنعتنا معها بأنها تتمتع برشد كافِ ولكن، وآه عميقة وحارة من ولكن هذه، هناك شيء ما لا نستطيع في العادة الكلام فيه وعنه بسهولة لا لسبب الا لصعوبة تحديده وتحديد مصدرهِ فمهما كبر هامش الحرية ومهما ازدادت قناعتنا بأننا نعيش في دولة عصرية تدار وتحكم من خلال مجموعة كبيرة وواضحة من التشريعات والقوانين الضامنة لتلك الحريات، الا أن هناك شيئا ما يشوه هذه الصورة ويجعلها غير واضحة ويبعدنا عن دولة المؤسسات المحكومة بمجموعة صارمة من النظم والقوانين.
أثبتت ثلاثة أمور حدثت مؤخرا، من أصل عشرات الأمثلة الاخرى، ان هناك شيئا ما لا يمكن تفسيره وتحديد كنههِ فقد منع دِ نجم عبدالكريم، الاعلامي المعروف، مثلا من دخول البلاد بعد التحرير مباشرةِ واستمر المنع الى ما قبل عام تقريبا، هذا، رغم انه يحمل جنسية وجواز سفر كويتيين، ورغم تدخل أكثر من مرجع مهم وعال ولأكثر من مرة لتسهيل عملية عودته الى بلده، ورغم مجموعة التأكيدات الجازمة التي سمعها والتي أكدت له أن اسمه سيتم رفعه، او تم رفعه، من قائمة الممنوعين من دخول البلادِ رغم كل ذلك لم يتمكن أبدا من العودةِ وعندما صدق تلك الوعود وعاد الى البلاد أخيرا أجبر على المغادرة على أول طائرة(!!).
كما وجد دِ أحمد البغدادي، استاذ ورئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الكويت، اسمه على قائمة الممنوعين من السفر في مطارالكويت 'الدولي'، هذا، رغم عدم وجود أي مبرر أو سبب قانوني أو حكم قضائي يمنع سفره.
كما استضافت الاجهزة الامنية مؤخرا الصحافيين شوكت حكيم وعبدالله مرزوق العاملين بجريدة 'السياسة' لمدة عشرة أيام وأخضعتهما للتحقيق والاستجواب، ولم تقم بالافراج عنهما ضمن المدة القانونية!!.
وهكذا نرى أن هناك دولة خفية تعمل وراء الستار من الصعب ان نحددها أو أن نضع أصابعنا عليها(!!).
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top