هل وصلنا للمرحلة التالية؟

لم افاجأ بقيام موظف محسوب على احد الاحزاب 'الاسلامقبلية'، يعمل في مجال التربية والتعليم، بالتعدي بالقول على اكبر مسؤول سياسي في وزارته، والتهديد بما هو اكبر من ذلك امام مرأى ومسمع مئات الحضور، ومن بينهم محافظ المنطقة ورجال الامن فيها وأولياء امور مئات الطلاب والطالباتِ ان ما قام به هذا 'المربي' لا يتعدى ان يكون حلقة في سلسلة الاعتداء على الحريات ومخالفة القوانين الدستورية للبلاد، ومحاولة فرض سياسة الفكر الواحد على المجتمع، وهي المحاولة التي بدأت قبل اكثر من عقدين من الزمن، والتي لم تكتف السلطة السياسية بعدم التصدي لها في وقتها وقتلها في مهدها بل زايدت عليها احيانا وباركت اعمالها 'الارهابية الفكرية' احيانا اكثر، وحققت لها كافة مطالباتها المتمثلة بالحجر على الحريات والتضييق في تفسير القوانين!!
لقد استخدم المربي والمعلم الدكتور فهد سماوي الظفيري احداث مسرحية جادة عرضت على مسرح احدى مدارس الجهراء كعذر للتهجم على مسؤول سياسي كبير ووزير لأهم وزارتين في الدولة معتبرا مجرد قيام مجموعة من الفتيات الصغيرات بالظهور على خشبة المسرح امام الرجال من الامور التي لا تتفق مع 'عاداتنا وتقاليدنا' (!!)، ولا ادري كيف اعتبر السيد الظفيري قيامه بسب وشتم وتهديد وزير مسؤول وفي مكان عام وامام كافة وسائل الاعلام عملا من صميم عاداتنا وتقاليدنا؟؟ وكيف سمح لنفسه، وهو الموظف في وزارة التربية والتعليم العالي، بتهديد وزيره بالمساءلة السياسية امام مجلس الأمة، وهو ليس عضوا فيه؟؟ معتبرا في الوقت نفسه تصرفه الشاذ هذا من 'عاداتنا وتقاليدنا' (!!).
ان هذا التصرف ما هو الا المرحلة الاخيرة في مسلسل الاعتداء على الحريات المدنية، والتي اقتصرت حتى الان على الاعتداءات اللفظية (!) اما ما سيتبع ذلك والذي سيكون المرحلة التالية والنتيجة الطبيعية لتطور الاحداث، ان تم السكوت على هذا الاعتداء، فيتمثل في الانتقال الى مرحلة الاعتداء الجسدي (!!!) وهذا هو المتوقع حدوثه قريبا، فقد تدرجت عمليات التهجم على الافراد والمؤسسات المدنية وتهديد مصالح افراد المجتمع والسعي للسيطرة على وسائل الاعلام وارهاب مسؤولي الدولة وتكرار التهديد بالمساءلة السياسية منذ فترة حتى وصلت الامور الى ما وصلت اليه اخيرا في حادث الاعتداء 'المخجل' الذي تعرض له دِ يوسف الابراهيم، وزير التربية والتعليم العالي في منطقة الجهراء.
من المؤكد ان الامور لم تكن لتصل الى ما وصلت اليه من انحدار وقلة احترام وتحقير للحريات الاساسية للمواطنين وتجاهل فاضح لقوانين البلاد لو كانت هناك محاسبة ومساءلة لمئات الاعتداءات السابقة التي صدرت من هذه المجموعة او تلك، حيث ان الامور كانت دائما تنتهي بالاعتذار و'بوس الخشوم' وحقك علينا يا دكتور او يا وزير (!!) لكي يتكرر في اليوم التالي حادث الاعتداء مرة اخرى، وعلى شخص او طرف آخر.
حسنا فعل وزير التربية، دِ يوسف الابراهيم، عندما ترفع عن الرد على شتائم من يفترض فيه ان يكون مربيا ومعلما في وزارته، ونتمنى عليه اتخاذ كافة الاجراءات الادارية اللازمة في حق من اساء له وللعملية التربوية بما في ذلك السير في عملية احالة الموضوع الى الاجهزة القضائية المعنية الى نهاية المطاف، وعدم الالتفات الى الكم الهائل من التوسلات والتدخلات والوساطات التي ستأتي له من كل حدب وصوب تطالبه بالعفو والمسامحة مقابل 'تعهد شفهي' بعدم تكرار تلك الافعال.
اما مسألة الضغوط السياسية الرهيبة التي سيتعرض لها الوزير في المجلس من غلاة المدافعين عن افكار القرون الوسطى، فلا نعتقد انها تعني الكثير لشخص يعرف جيدا انه على صواب.
ومن المؤسف جدا ان يتعرض هذا الانسان الجاد والمخلص، والذي يعتبر بحق اول وزير تربية بمثل كفاءته يتولى حقيبة هذه الوزارة منذ سنوات طويلة، لكل هذا الكم من الهجوم المقذع من جماعات الاحزاب الدينية، في الوقت الذي سكتت فيه كافة وسائل اعلام هذه الاحزاب الدينية وسياسيوها عن تصرفات ومخالفات وزير التربية الاسبق دِ عبدالعزيز الغانم الذي قام بالموافقة على تشغيل 4770 موظفا في وزارة التربية خلال فترة قصيرة دون ان تكون هناك ادنى حاجة لخدماتهم، وذلك لمجرد اتفاقه في الرأي معهم (!!) وبعد كل ذلك لا يخجلون من ان يطلقوا على انفسهم لقب 'نواب اسلاميين' والاسلام، وكل دين وخلق قويم من تصرفاتهم براء.
احمد الصراف

الارشيف

Back to Top