اللهم غير علينا

وجدت نفسي ومجموعة من الاصدقاء من رجال الاعمال الكويتيين واللبنانيين ضمن مجموعة هائلة أخرى يزيد عددها عن نصف سكان دولة الكويت في معرض 'كوانزو التجاري' الذي أقيم مؤخرا في الصين.
لم تستغرق اجراءات استخراج بطاقة الدخول التي تتضمن صورة المشارك اكثر من 3 دقائق، وجدنا بعدها انفسنا في بحر من الصالات والمباني والطوابق وبين محيطات من السلع والمنتجات والمصنوعات الصينية التي لا تخطر على بال او فكر، والتي تقوم عشرات آلاف المصانع الصينية، سواء تلك التي لا تزال تمتلكها الدولة او تلك التي اصبح الافراد والشركات يسيطرون على ملكيتها، والتي لا تزيد نسبتها عن 18%، بانتاجها بدقة متناهية تلبية لمتطلبات الاسواق اليابانية والاسواق الغربية التي تصر على جودة معينة.
بسبب تشعب المداخل والمخارج وانتشار صالات العرض على العديد من المباني وعشرات الادوار وعلى مساحة عشرات آلاف الامتار، وبسبب اختلاف اهتماماتنا التجارية والشخصية، فقد قررنا عدم البقاء معا والانطلاق كل في طريقه على ان نلتقي ثانية في موعد ومكان محددين.
عدنا جمعيا، وبدون استثناء، بانطباع واحد: اننا يجب ان نغير ادعيتنا وان نطلب من الله ان يغير علينا (!)ِ فما شاهدناه وما أثار اعجابنا لا يمكن وصفهِ كما ان ما نحن فيه من تخلف وتأخر تجاري وصناعي وتقني عن دول مثل الصين وبقية أسود ونمور، وحتى قرود آسيا، دع عنك اوروبا الغربية واميركا، وضع لا يمكن السكوت عنه والاكتفاء بدفن رؤوسنا في الرمال، والقول اننا بخير لمجرد ان دولة منا تمتلك نفطا وأخرى لديها مختلف انواع المعادن وثالثة تعتبر سلة ثمار العالم العربي ورابعة تملك الماء والقوى البشرية (!)، فهذه كلها امور تافهة ولا تعني شيئا في ظل ما 'تنعم' به غالبية دولنا من تخلف وتشرذم وارهاب وقتل وتشريد وفقر ومرضِِ الخِِ الخِِ الخ.
اثناء احدى جولاتنا المشتركة في معرض كبير جدا يحتوي على مئات المصنوعات البلاستيكية والخشبية تقدم احد الاصدقاء واخذ يتفحص مجموعة من الكراسي وطاولات الطعام، التي تشبه كثيرا نوعية قديمة اختفت من الكويت منذ فترة طويلةِ وقام بقلب احد الكراسي والتأكد من متانة أرجله وازال ما كان على احدى الطاولات من ديكورات تتضمن بعض الملاعق والشوك والمناديل الورقية وقلب الطاولة واخذ يتفحص كل جزء فيها، وعندما تأكد من متانة البضاعة سأل البائع الذي كان واقفا بجانبه ويراقبه مندهشا وفاغرا فاه، عن سعر الكراسي والطاولات حيث انه يرغب في شراء 100 منها، وعندما ابدى الرجل استغرابه من السؤال وابتسامة خجولة ترتسم على وجهه، اعتقد صديقنا بان مرد ذلك ربما يعود الى صغر قيمة 'الطلبية' فقام بمضاعفة العدد الى 200 كرسي و40 طاولة وهنا ضحك البائع وقال له بارتباك واضح ان في الامر خطأ ما، حيث ان هذا مطعم للمأكولات السريعة وليس معرضا للمصنوعات الخشبية (!).
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top