دولة تخاف من الورق

تمتاز الانظمة الدكتاتورية، والعسكرية منها بالذات، بخوفها من كل ما يمت للصحافة والمطبوعات بصلة، حيث تجد اجهزتها دائمة الحرص على قراءة كل كلمة قبل ان تنشر، وسماع كل همسة قبل ان تذاعِ كما انها تحرص على عدم السماح ببيع اجهزة تصوير المستندات والكاميرات العادية والمعقدة واجهزة الفاكس والهواتف النقالة، وغيرها من اجهزة الاتصال، بدون موافقتها المسبقة، هذا ان وجدت.
خلال احدى الفترات التي كانت توجد فيها رقابة صحفية في الكويت اصدر احد فطاحلة وزارة الاعلام الحكومية قرارا فرض بموجبه رقابة مسبقة على كافة المطبوعات التي ترد الى البلادِ وقد اجتهد طرف ما في الجمارك الكويتية، في محاولة منه لاخلاء طرفه، واصبح يقوم بارسال كافة المطبوعات، حتى التجارية منها، الى وزارة الاعلام للحصول على مباركتها على تلك المطبوعاتِ وتمكن الرعب من بعض موظفي الحكومة المؤمنين بنظرية المؤامرة، وان الغرب الكافر يريد تدمير حضارتنا وثقافتنا! بحيث اصبحت اية كلمة ترد في مستندات شحن اية بضاعة مستوردة وتحتوي على الاحرف الثلاثة 'و، ر، ق' كافية لأن تكون سببا في تحويلها، بصورة تلقائية، لوزارة الاعلام وادارة الرقابة فيها لاجازتها!
وقد فوجئت شخصيا بمطالبة احد مخلصي شحنة بضائع واردة لنا من الخارج بمطالبة تتعلق برسوم تخص وزارة الاعلام، حيث لا علاقة لعملنا ونوعية بضائعنا بتلك الوزارةِ ولكن مخلص البضاعة اصر على المطالبة وابرز مستندا يبين انه قام بدفع تلك الرسوم مع صورة من البيان الجمركي الخاص بتلك البضاعة!
لم أتمالك نفسي من الضحك على تلك العقلية البيروقراطية السخيفة والروتين الاحمق اللذين يتطلبان موافقة وزارة الاعلام المسبقة قبل الافراج عن شحنة من رقائق الالمنيوم 'الفويل' والتي تستعمل لتغليف وحفظ المأكولات حارة او باردة، لمجرد ان وصف البضاعة احتوى على كلمة 'ورق' المنيوم! وتبين لي ايضا ان ورق لف 'السندويتش' يتطلب ايضا ضمن اشياء كثيرة اخرى، موافقة وزارة الاعلام، وليس الصحة او البلدية، قبل دخولها البلاد!.
احمد الصراف

الارشيف

Back to Top