يا عطارين دلوني

يحكى أن جحا قام وابنه بشراء حمار من سوق المدينة وعاد به الى قريته مشيا، فما أن شاهدهما عدد من الناس، حتى تعالت ضحكاتهم، وسمعهم يقولون انه اشترى حمارا وجعله يمشي معهما دون أن يركبه احدهماِ فطلب من ابنه أن يركب الحمار، وما أن مرا بمجموعة أخرى حتى سمعهم ينتقدون تصرف ابنه الشاب الذي ركب الحمار وترك والده الشايب يسير بجانبهِ فطلب جحا من ابنه أن يترجل وركب هو على ظهر الحمار مكانه، وما ان مرا بمجموعة ثالثة حتى سمعهم ينتقدون تصرفه، وكيف سمح لنفسه بركوب الحمار وهو الرجل القوي وترك ذلك الصبي يسير معهِ وهنا طلب جحا من ابنه أن يركب خلفه على ظهر الحمار، وما أن مرا بمجموعة أخرى حتى سمعهم يتأسفون على وضع ذلك الحمار المسكين الذي لم يرأف به صاحبه وركبه مع ابنهِ وهنا ترجل جحا عن ظهر الحمار وأنزل ابنه ورفعا الحمار على ظهريهما، وما أن مرا بجماعة أخرى حتى سمع قهقهاتهم تتعالى وتسخر من جنونه حيث حمل وابنه الحمار على ظهريهما بدلا من أن يحملهما الحمار.
من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، ارضاء النفس والقراء وادارة الجريدة في الوقت نفسه، وفي كل الأحوالِ فما يرضيني الكتابة عنه لا يعني أن الآخرين سيرضون به ويتقبلونه بصدر رحبِ وما أود التطرق له قد لا يكون مثار اهتمام الآخرين، وما أحب أن أكتب عنه قد يسبب الضيق، وربما الضرر، لإدارة التحرير.
وإن كتبت مواضيع 'خفيفة' ضج المحرر طالبا مواضيع أكثر جدية تتناسب ووقار صفحة 'الاتجاهات'.
وان كتبت موضوعا جادا ثار رئيس التحرير مطالبا بتخفيف الوطء على القراء، ففي الصفحة ما يكفيها من شكاوى وغم وهم مواضيع الزملاء البغلي والدعيج والعيسى، دع عنك بقية المقالات الأخرى التي تمتلئ بقصص السحر الأسود وخرافات وتراب أحمر وتعويذات وشعوذات!!
وإن كتبنا عن تخلف وتجهم المنتمين للأحزاب الدينية طالبونا بالكف عنهم.
وإن كتبنا عن الفن والأدب والحب قالوا اين ذهبت مقالاتك عن المتطرفين؟!
فهل لدى أي من قراء الزاوية حل لهذا الوضع المأساوي الذي كثيرا ما أجد نفسي فيه؟
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top