معاناة الأجنبي

لسبب ما تتلذذ بعض ادارات وزارة الداخلية بتعذيب، واحيانا بهدلة الناس، والوافدين منهم بالذات.
تتطلب انظمة وزارة الداخلية الأمنية قيام الشريك غير الكويتي في أية شركة كانت ولأي عدد من الشركات الذهاب شخصيا، في كل مرة ينتهي فيها ترخيص الشركة التجاري او ترخيص اية شركة يكون شريكا فيها، مهما كان عددها، الى ادارة تحقيق الشخصية والبصم هناك المرة تلو الأخرى.
بسبب التجارب المريرة التي سبق ان عانى منها البعض من شركائي الاجانب مع تلك الادارة وغيرها من دوائر التعسف غير المبرر، فقد طلبوا مني قبل ايام مرافقتهم الى ادارة تحقيق الشخصية في الفروانية.
انطلقنا نحن الخمسة الى تلك المنطقة وانتهى الحال بنا الى ساحة وشوارع متربة وقذرة تكتظ بالعديد من السيارات وبعشرات العمارات المتهالكة من الدرجة الثالثة ذات الشكل القبيح والرخيص جدا، وفي منطقة تمتلئ بسلال الزبالة والقطط السائبةِ واتجهنا الى مبنى مخصص للسكن اصلا وليس لدائرة حكومية تتوزع على مداخله مجموعة من البيوت الجاهزة والغرف المصنوعة من الالمنيوم وسلال القمامةِ واكتشفت ان في منطقة لا تزيد مساحتها عن 250 مترا مربعا هناك اربعة محلات مرخصة لاداء اعمال طباعة نماذج البصمات اضافة للمكتب التابع للادارة نفسها والذي احتكر لنفسه طباعة نماذج تجديد بصمات الشركات.
دخلنا احد تلك المحلات بعد ان نادى علينا المنادي الذي كان يقف خارج المحل وقدمنا الاوراق والجوازات له فطلب منا، بعد تفحصها، الذهاب الى الدور الثاني في ادارة تحقيق الشخصيةِ وهناك وفي شقة متواضعة وفي غرفة مصممة لتكون مكانا للنوم، وصلنا اليها عن طريق درج ضيق وقذرِ وهناك تلتقي بمجموعة من الفتيات العاملات في المكتب ملأن الجدران خلفهن بصور آيات واحاديث لا يعرفن عن مغزاها شيئا حيث الجميع مشغولات بالمحادثات الهاتفية الشخصية امام مرأى ومسمع كل اولئك الذين نستمتع بتسميتهم ب'الاجانب'ِ وقامت احداهن، وبتكاسل واضح، وبعد ان وضعت سماعة الهاتف جانبا دون ان تنهي مكالمتها مع الطباخة، بتفحص اوراقنا واعطتنا بعدها مجموعة من البطاقات الصفراء وطلبت منا العودة للطابق الارضي لطباعتهاِ نزلنا كلنا مرة أخرى للطابق الارضي وانهينا اعمال الطباعة وطلب منا 'الطباع' العودة ثانية الى الطابق الثاني حيث كناِ وهناك ختمت الموظفة نفسها الاوراق وسلمتنا ايصالات بالمعاملة، ولكنها اكتشفت انها تحتاج لتصوير الكتاب الموجه للادارة من التجارة فطلبت منا العودة للطابق الارضي وتصويرها عدة نسخ وإعادتها لها في الدور الثانيِ وبعد ان قمنا بذلك طلبت منا العودة للدور الارضي، وايضا للمرة الثالثة، لوضع البصمات!
كل ما نطلبه من وزير الداخلية هو تكليف احد كبار موظفيه التنكر في هيئة 'أجنبي' وزيارة دوائر الوزارة التي تتعامل مع 'الأجانب' بشكل مكثف ليكتشف مدى سوء المعاملة التي يلقاها الكثير من هؤلاء الضيوف والمعاناة غير المبررة التي من الممكن التخفيف كثيرا من قسوتها بدون كثير عناء، وليكتشف ان الكثير من الاعمال الروتينية غير مبررة وغير مفهومةِ فلماذا يضطر الوافد الشريك مثلا للذهاب، في كل مرة تنتهي فيها رخصة شركته، الى زيارة ادارة البصمات؟ واين ذهبت سجلات الوزارة التي احتوت على البصمات السابقة؟ والا تقوم الوزارة، عند وقوع حادث ما، برفع البصمات ومقارنتها بما هو مخزون لديها منها لمعرفة صاحب تلك البصمات؟
اذا كان الامر بالإيجاب، فهذا يعني ان لدى الوزارة بصمة كل مواطن ومقيم، وبذلك تنتفي الحاجة لإجبار الناس على البصم كل عام، ولأكثر من مرةِ اما اذا كان الجواب بالنفي، فان هناك مشكلة أمنية حقيقية.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top