صوت الموسيقى وتغييب العقل

الفنون، ومن بينها الموسيقى والغناء والرقص، جزء من حضارة الشعوب، وتغور عميقا في ذاكرتها وتراثها'.
ميسون يحيى، (الزمن 4/8/2001)
لا يوجد شعب بدون ثقافة موسيقية مهما كانت درجة تقدم أو تخلف هذا الشعبِ وكلما تحضرت الأمم تحضرت معها موسيقاها وبقية انواع فنونها.
وتنفرد الشعوب الإسلامية بشكل عام، والبعض من الشعوب العربية بالذات، بكراهيتها لكل ما يمت للفنون بصلة، حيث نرى ان هناك اتجاها نحو تحريم الكثير من الفنون سواء الغناء أو الرقص أو الموسيقى أو النحت أو الرسم بكافة اشكاله وانواعهِ وفي الوقت الذي تبدو فيه كافة شعوب الارض منسجمة مع نفسها في ما يتعلق بهذه الفنون وتقوم بتسجيلها وتطويرها وتشجيع ومكافأة مؤديها وتكريم المبدعين منهم فيها نجد ان العالم الإسلامي والعربي بالذات منشغل بمناقشات وفتاوى وآراء متنوعة تطرح وتناقش في مختلف وسائل الإعلام وكأن نهاية العالم ومصير البشرية سيحددان من خلال منظور البشر لمثل هذه الأنشطة الفنية.
ونشرت مجلة الزمن الكويتية الرصينة تحقيقا صحفيا يتعلق بتحليل وتحريم الطرب عند العرب والمسلمين تبين منه مدى اتساع الهوة التي تفصل بين مختلف الاطراف في ما يتعلق بهذا الفن وغيره من الفنون.
ويقول السيد حمد الهباد، عميد المعهد العالي للفنون الموسيقية والذي ربما اضطر لتأليف كتاب حول مشروعية تحريم الموسيقى، ان افراحنا واعراسنا فقدت بهجتها بسبب التبع والمقلدين وتلاميذ المجتهدينِ وذكر اختصاصي الصحة النفسية، دِ كاظم ابل، ان الموسيقى علاج للتوتر والقلق وتساعد على التركيز والتخيل والتعلمِ اما السيد عبدالله نجيب المسؤول في وزارة الأوقاف فقد قال ان علماء المسلمين اختلفوا بين مبيح ومحرم للغناء والموسيقىِ وان على الباحث التروي قبل اتخاذ موقف ما، وان اخطر اتهام يمكن ان يواجه لمن يبيح الغناء والموسيقى هو الفسق وليس الكفرِ وان العلماء فرقوا بين الغناء والموسيقى.
ولم يقل احد من العلماء ان الغناء محرم، بل احل البعض الغناء بكلام مباح، أما الموسيقى فقد وقع فيها خلاف شديد ولكن اتفق اغلبهم على كره سماع الموسيقى ولكن يباح في الاعراس والحروب ولبعض الآلات فقط كالطبل والدف والمزمارِ أما الأستاذ محمد بكر اسماعيل من جامعة الأزهر فيؤكد ان 'الغناء المحرم' هو الذي يثير الشهوة.
أما السيد محمد الكوس من جمعية التراث الإسلامي الكويتية فيؤكد ان الموسيقى والغناء باي شكل كان وكانت من اعظم وسائل ابليسِ وهو يعتقد بحرمة بيع الآلات الموسيقية وبيع تذاكر الحفلات الموسيقية.
أما السيد محمد حسين فضل الله فيقول ان كل الفنون حلال شرط عدم اثارتها للغرائزِ وينتهي التحقيق برأي اتفق عليه كافة المحللين النفسيين، ومن كافة انحاء العالم، يقول ان تعرض الطفل للموسيقى الكلاسيكية باستمرار منذ فترة ما قبل الولادة وحتى المرحلة الثانوية كفيل بتحفيزه على تشكيل انماط كلامية مبكرة ومتقدمة ويحسن قدرته على التعلم.
وهكذا نرى كم نحن مختلفون في موضوع اتفق العالم اجمع على روعته وعلو مكانته، وكم اصبحنا منشغلين في مناقشة التافه من الامور في حياتنا والاختلاف على أكثر الامور بديهية في الحياة بحيث اصبح هناك مليون وجهة نظر لكل قضية صغرت أم كبرت.
وبعد كل ذلك لا يزال هناك من يحلم بان هناك بصيص امل في نهاية النفق، ولا يعلم هذا المسكين، أو أولئك المساكين، بان ذلك النفق يطول بنفس معدل السير فيه، اي انه سوف لن يتم الوصول لنهايته إلى الابد.

الارشيف

Back to Top