السيوف والعصي

شاركت مؤخرا في برنامج 'الاتجاه المعاكس' الذي يقدمه السيد فيصل القاسم من قناة الجزيرةِ وكان موضوع الحلقة عن الاسلام الاميركي، او الطريقة التي تود اميركا من المسلمين ممارسة دينهم على اساسها.
ما ان انتهى بث الحلقة، وكان الوقت يقارب منتصف الليل، وحتى لحظة كتابة هذا المقال، لم يتوقف هاتفي النقال عن استقبال مختلف الاتصالات من اصدقاء ومعارف او ممن لم يسبق لي ان تشرفت بمعرفتهم، فواحد ينتقد، وآخر يؤيد، وثالث يعارض نقطة ويتفق معي في اخرى، ولكن الغريب والمؤلم ان غالبية تلك المكالمات انتهت بنصيحة شخصية تطلب مني اخذ الحيطة والحذر، حيث ان 'الجماعة' سوف لن يفغروا لي صراحتي وما تطرقت اليه في تلك المقابلة من امور!.
استمعت لشريط تسجيل المقابلة واستعدت الكثير من مقاطعه ولأكثر من مرة، وتبين لي ان ما ذكرته في تلك المقابلة لم يخرج عن الاداب العامة، ولم يخالف الصالح العام في شيء، ولم يكن في اي حال من الاحوال اكثر او اشد صراحة مما تعودنا على كتابته اوقراءته في الكثير من الصحف والمجلات العربية، وهو بالتالي لا يخالف المنطق العقلي الخالي من العاطفة والبعيد عن الخزعبلاتِ وعليه من المؤسف ان ننساق وراء ذلك الخوف الذي حاولت، وجاهدت اكثر من جهة لزرعه في النفوس بحجة ان كل من يتعرض لثوابت الاحزاب الدينية المسيسة والبعيدة اصلا عن الدين والفكر القويم سيعرض نفسه حتما للايذاء وربما للقتل!.
اننا نكرر هنا ما قلناه في اكثر من مقام ومقال اننا نعارض تسخير منابر المساجد والجوامع لزرع الكراهية والحقد على كل الامم والشعوب التي سبق ان دفعناها دفعا لمعاداتنا من خلال خطبنا الدينية.
كما اننا نعارض ما قامت وتقوم به الجمعيات التابعة للاحزاب الدينية المسيسة من عمليات جمع الاموال الطائلة بصورة غير قانونية، ورفض اخضاع عمليات الجمع والصرف هذه لاي نوع من الرقابة والمحاسبة، كما نعارض طريقة التدريس التي تقوم بعض الدول باتباعها والتي تقتصر على تدريس القرآن للاطفال ولاشيء غير ذلك ولسنوات طويلة وبطريقة بدائية تفتقر لأي ابداع او تنوع ثقافي وعلمي، وهو الامر الذي مهد الارضية الصالحة لقيام حركة طالبان وما جرته من تعاسة ووبال على المسلمين والعرب، لكي لا نقول العالم اجمع!
كما عارضنا، ولا نزال نعارض ما تتضمنه مقررات المدارس الحكومية ومناهجها، وتبعتها مؤخرا مناهج المدارس الخاصة، بدعم من وزارة التربية وارشادها من مواد تحث على بث روح الكراهية والمقت لكل ما هو غير مسلم!.
وكثيرا ما كتبنا مستنكرين ما تقوم وسائل الاعلام الحكومية والخاصة بنشره واذاعته وبثه من قصص وروايات واحداث واحاديث ترفض الاخر وتلغي مبدأ الحوار وتعادي حرية القول.
فهل يستحق الايذاء والموت من يطالب بمثل هذه الاصلاحات؟
وهل الهدف من وراء تهديدهم بالقتل والتصفية وقطع رزق من يتعرض لمثل هذه الامور هو الخوف على الدين كما يدعون زورا وبهتانا؟ ام الخوف على مصالحهم وارصدتهم المصرفية ورغبتهم في استمرار الجهل والتجهيل واستمرار عملية استغفال براءة وحسن نية الكثيرين منا؟
مؤسف جدا ان نعتقد بأن السيوف والعصي هي الوسائل الوحيدة للرد على من نختلف معهم في الرأي!.
***
نهنئ العالم أجمع، والمسيحي منه بالذات، بعيد الميلاد المجيد الذي يصادف اليوم، متمنين ان يأتي العام المقبل وقد اصبحنا اكثر قبولا ومحبة للآخرِ
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top