ماذا سنفعل لو؟

تمتاز أسماك الزينة الحمراء والذهبية صغيرة الحجم وجميلة المنظر، والتي نراها في بعض البيوت تتحرك داخل صناديق زجاجية، تمتاز بذاكرتها القصيرة التي لا تستغرق عادة أكثر من ثوان ثلاث تنسى بعدها كل شيء.
¹¹
قامت جماهيرنا الغاضبة من الخليج الثائر (على ماذا؟) إلى المحيط الهادر (وهذه طبيعته أصلا)، مرورا ب'لفيف' من الدول العربية والإسلامية الأخرى، بالتظاهر ضد التجاوزات الخطيرة والحمقاء للقيادة الإسرائيليةِ وقام المتظاهرون في الكويت بحرق علمي اسرائيل والولايات المتحدة الأميركيةِ كما شارك الجميع في توجيه كم هائل من الشتائم للقيادتين الإسرائيلية والأميركية بسبب ما يجري في الأراضي المحتلةِ وطالب المتظاهرون (طالبوا من؟) بسقوط أميركا وموتها!.
لا أعلم حقيقة ما يمكن تحقيقه أو الوصول إليه من وراء حرق علم دولة ما، أو ما نعنيه حقا عندما نطالب بموت هذه الدولة أو تلك الأمة! ألا يدل ذلك على اننا سريعو الانفعال شديدو الاشتعال؟ واننا كما غضبنا بسرعة وأحرقنا هذا العلم أو تلك الراية اليوم، فمن الممكن ان نلثم هذا العلم نفسه ونقبل تلك الراية بعدها بأيام فقط متى ما تغيرت الظروف وتبدلت الأدوار؟.
¹¹
نعود لعنوان المقال ونقول: ماذا لوِِ قام شارون، المجرم السفاح الإرهابي القاتل الصهيوني الجزار، بالتسليم بكافة المطالب العربية ـ الفلسطينية، واعترف بالدولة الفلسطينية وبكامل القدس عاصمة موحدة لها؟ وماذا لو قام بمنح الدولة الجديدة هبة مالية تقدر بخمسة مليارات دولار لتعويض ما أصاب البنية التحتية من دمار، ووافق على تقديم قرض بمبلغ 50 مليار دولار للحكومة الفلسطينية الجديدة بدون فائدة، ويسدد على مدى مائة عام؟ وماذا لو قام بدعوة الفلسطينيين إلى المشاركة الفعالة في كافة برامج الأبحاث العلمية الإسرائيلية، وتعهد بتجهيز وتدريب جيش فلسطيني كامل المعدات، وقبل طلبات 25 ألف طالب عربي للدراسة في الجامعات الإسرائيلية المتقدمة، ووافق على فتح مزارع حمضيات الساحل لرأس المال الفلسطيني، وألغى إذن الدخول لكافة المواطنين العرب الى الدولة العبريةِ وقام بالموافقة على مشروع السلام العربي بكامله وبدون تغيير، كما قام تبعا لذلك بإقامة مختلف العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية والثقافية مع كافة الدول العربية، وبدأ برنامج زيارة لكافة العواصم العربية يستغرق ثلاثة أشهر؟!.
ماذا لو حدث ذلك خلال فترة عام أو أقل؟
ما الشكل الذي سيأخذه رد فعلنا الأولي والمبدئي والمتسرع والانفعالي؟
سننسى أولا كامل تاريخ شارون الدموي!
وسنتبارى في اطلاق اسمه على مختلف شوارعنا وطرقنا السريعة وممراتنا الجبلية!
وستتسابق أمهات العرب والمسلمين على اطلاق اسم 'شارون' على مواليدهن من الذكور، وربما من الإناث أيضا؟ وسنتباهى بتدخين سجائر ماركة 'إرييل شارون' بدلا من سجائر 'ونستون تشرشل' أو 'فيليب موريس'!.
سيقول قائل، كما قال الصديق بسام دهبر، ان ما ذكرته أعلاه ما هو الا تخريف، او 'خرطي' على قول صديقنا الآخر غابي خلف، وان العرب، ومنهم الفلسطينيون بالذات، سوف لن ينسوا ما اقترفته 'أيادي وأرجل شارون!'.
ولكن كيف نسي الكثيرون ما فعله صدام بالكويت وشعبها والمقيمين فيها خلال سبعة أشهر من الاحتلال البغيض والحقير؟.
يرجى العودة لقراءة الفقرة الأولى من مقالنا هذا، فذاكرة الكثيرين منا لا تختلف كثيرا عن ذاكرة أسماك الزينة.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top