لقد عرفت السبب

في مقابلة أجرتها 'القبس' مع الموسيقار العراقي كوكب حمزة، الذي يزور الكويت حاليا، استوقفني طويلا جوابه عن السؤال التالي: هل تعتقد بأن المبدع العراقي واجه حصارا حتى في المنفى؟ِ فأجاب كوكب: منذ مجيء البعث عام 68 لحكم العراق لم أسمع ولم أر استنكارا لأي مبدع عربيِ وما دمت في الكويت، فإنني أذكر هنا بأنني لم أسمع شيئا من أي مبدع أو مثقف كويتي يتضامن مع الذين يذبحون من العراقيينِ وعندما كنا نلتقي المثقفين الكويتيين في سوريا، كنا نقدم لهم عرائض الاستنكار لما كان يجري للمبدعين العراقيين فكانوا يرفضون التوقيع عليها!.
وذكرتني اجابته تلك بما سبق ان قاله لي رجل الأعمال والصديق العراقي عزيز الجصاني، في لندن قبل الغزو العراقي الآثم بأشهر معدودة، بأننا نحن الكويتيين، وعرب دول البترول الأخرى، من يجب ان يجازى حقا بسبب ما تعرض له الشعب العراقي من مآس وأهوال على يد حاكم بغداد! فلولا تلك المساعدات وذلك الدعم المادي والعسكري واللوجستي الضخم والعظيم الذي قدمته هذه الدول لحاكم العراق شخصيا، طوال سنوات الحرب العراقية ـ الإيرانية، لما استمر ذلك الحاكم الجائر في الحكم كل هذه الفترة!.
نلوم اليوم الفلسطينيين بسبب عدم وقوفهم معنا أيام الغزوِ وكنا، وربما لا يزال البعض منا يكره السودانيين لعدم تأييدهم لناِ كما عادينا اليمنيين بسبب مواقفهم البائسة ضدنا في مجلس الأمن وخارجه، وكرهنا نصف 'دزينة' من الدول الأخرى بسبب ما بدر منها هنا وهناك من مواقف سلبية ضدنا وضد بلادنا ومعاناة شعبنا، وما أجراه السيف والبندقية العربية المسلمة من تقتيل وتشريد لأبنائنا وبناتنا!
ولكن هل سأل أي منا، أو منكم، نفسه، وهنا أوجه السؤال الى المثقفين والمبدعين منا، عن حقيقة مواقفنا من آلام وأحزان الشعب العراقي؟ وهل من المنطق ان نستغرب 'نحن' من مواقف بعض الدول من قضايانا، وكنا 'نحن' من اتخذ تلك المواقف نفسها قبلها؟ لقد ذكرني كلام 'الجصاني وكوكب' بالسبب الحقيقي لذلك العداء السافر للكويت ولشعبها، فنحن، كدول عربية، أولا وأخيرا من الشعوب الجاهلة والمتخلفة!
فجهلنا وقصر نظرنا دفعانا الى عدم مناصرة الشعب العراقي في أحلك أيامه، بل وساعدانا في تقوية القبضة التي كانت تكتم أنفاسهمِ وجهل شعوبنا الصديقة والشقيقة الأخرى هو الذي دفعها لكي تقف مع الطاغية تطبل وتزمر له وترفع صوره وتطلق اسمه على ابنائها، ضد الكويت وقضيتها العادلةِ وجهل هذه الدول وتخلفها هما اللذان منعاها من ان تدرك ان ما أصاب العراق من موت وتخلف ودمار، وما أصاب الكويت من بلاء وشر إبان احتلالها سوف يلحق بها اشد منه لو وقعت في قبضة هذا الحاكم.
ولكن هل هناك من هو على استعداد لكي يتعظ؟ وهل نحن مع حقوق الإنسان حقا ومع قضاياه لكي نطالب العالم بان يقف مع قضايانا الإنسانية ويؤيد قضايانا؟
وهل يقبل عاقل مناظر التقتيل والسحل التي تجري في شوارعنا، ونطالب في الوقت نفسه منظمات الأمم المتحدة والدول الصديقة بالوقوف معنا؟.
ِِ ولهذا تطلب الامر تأسيس جمعية للصداقة الكويتية.

الارشيف

Back to Top