نعارض إزالة نظام البعث في العراق

 ان بين الاستبدادين السياسي والديني مقارنة لا تنفك، متى وجد أحدهما في أمة جر إليه الآخر، أو متى زال زال رفيقهِِ وان دولة الاستبداد دولة بله وأوغادِِ'
(عبدالرحمن الكواكبي في 'طبائع الاستبداد')

في محاولة لاضفاء الطابع الشخصي على آرائه، كتب السيد اسماعيل الشطي مقالا في 'الوطن' 23/9 بعنوان: 'نعمِِ لا أؤيد الضربة الأميركية للعراق'، ولم يقل مثلا لا للضربة، أو لا نؤيد الضربة، وربما حاول بعنوانه هذا النأي بنفسه عن التنظيم الذي تكرر خصامه وتقربه منه واليه في السنوات الأخيرة.
يقول السيد الشطي في مقاله انه يعارض خيار ضرب العراق عسكريا لأن الحرب خيار تدميري تفوح منه رائحة الموت والدمار!.
بداية، لا نعتقد ان هناك حربا يفوح منها مسك وعنبر تفوح منه، وثانيا أين كان رأي السيد الشطي هذا في عشرات الحروب الأخرى التي وقعت في المنطقة في السنوات الأخيرة؟ وهل جاءت معارضته الفجائية للحرب لشعوره بأن الموسى قد اقترب من لحية جماعته بالذات؟ وهل يعني هذا ان رأيه في 'حرب تحرير الكويت' والتي فاح منها الموت والدمار، كان رأيه الحالي ذاته، وانه كان، كما يشاع، ضد تحريرها عسكريا؟.
يقول السيد الشطي في مقاله كذلك ان هناك شكوكا في دوافع الادارة الاميركية من حروبها الحالية التي ستتبعها بمطالبات خطيرة بعضها سيطول خريطة المنطقة، وبعضها الآخر سيطول ثقافة الأمة وكبرياءها وتراثها وثرواتها ومصيرها!ِ ويبدو واضحا ان هذا هو مكمن الخوف الحقيقي عند السيد الشطي وجماعته، الذين يعتقدون ان في ذلك اعظم البلاء عليهم، أما تقدم الشعوب وصلاحها وخروجها من بوتقة الظلام التي وضعت فيها طوال القرون الماضية، فهي آخر همومها، وبقاء ملايين العراقيين تحت نير حكم استبدادي جاهل وفاشل وقاتل فلا أهمية له لديهم!.
يقول السيد الشطي كذلك انه ليس هناك خلاف في اهمية المطالبة باستبدال النظام القائم، ولكن إذا كانت الولايات المتحدة جادة
في التغيير، فإن هناك وسائل عديدة ومضمونة غير الحرب(!!)، ولكن لم يذكر السيد الشطي واحدة فقط من تلك 'الوسائل العديدة والمضمونة' لكي تستفيد منها الادارة الاميركية وتوفر عن طريقها كلفة الحرب الباهظة في الأرواح والممتلكات والمعدات، كما ان بإمكاننا بمثل هذه المعلومات إحراجها وإخراجها بعد إفحامها!.
من المؤكد ان السيد الشطي يعيش، حاله حال آلاف المواطنين والمقيمين الآخرين، في بيت مريح ويمتلك كالآخرين أيضا عدة مركبات، ويقوم بكتابة ونشر ما يحلو له من أفكار، وبإمكانه الحصول على الكتاب الذي يرغب في قراءته في اللغة التي يختارهاِ كما ان بإمكانه الذهاب في أي وقت الى المطار وشراء تذكرة سفر على أول طائرة مغادرة الى الكثير من دول العالم التي لا تطلب فيزا مسبقة لحامل جواز السفر الكويتي، كما ان بمقدوره وعائلته الكريمة اختيار المنتجع الذي يرغبون قضاء إجازتهم فيه وارسال ابنائهم وبناتهم الى الجامعات التي تعن على بالهم، وتحويل مدخراتهم المالية الى أي جهة في العالم حيث الأمان والاطمئنانِ ولكن ماذا عن مصير وحالة ووضع 17 مليون بائس يعيشون في العراق، وأكثر من أربعة ملايين عراقي مشردين يعيشون في المنفى من دون أمل أو وطن أو كرامة؟ وكيف يمكن تخليص كل هؤلاء من ذلك الحكم الذي جثم ولا يزال على صدورهم منذ ثلاثة عقود طويلة؟ وهل هناك أي أمل في خلاص الشعب العراقي، وكافة شعوب المنطقة، من الوضع المأساوي الذي وضعه فيه هذا الطاغية غير المبضع الاميركي؟ أم يقترح الاستعانة بمجموعة من جيوش الدول الاسلامية واجراء استفتاء في العراق تحت اشرافها لمعرفة رأي شعبه في حكم البعث؟.
من حق السيد الشطي وتجمعه وحزبه الاعتراض على الضربة الاميركية للنظام العراقي، فقد تنتهي الامور سياسيا واستراتيجيا ضد مصالحهم الحزبية، ولكن ليس من حقه التحدث باسم الشعب العراقي، والقول بمعارضة تحريره عسكريا، واميركيا بالذات، وليدلنا على فرد عراقي واحد 'شريف وحر'، ذكرا كان أم أنثى، يعارض الطريقة الناجعة الوحيدة لتخليصه من حكم صدام وزمرته العفنة!.
ومن حقنا، في الوقت نفسه، تأييد الضربة الاميركية، حيث ان هناك اربعة ملايين عراقي على الاقل في المنفى، ومئات الجهات الدولية الأخرى، الذين يقفون معنا في مطلبنا ورأينا هذا، ويشاركوننا القول في ان هذه الضربة هي الطريق الوحيد للخلاص ولا شيء غير ذلك بإمكانه ازالة ذلك النظام الجائر المدجج بمختلف الأسلحة، والمحمي بمختلف الأجهزة السرية، من وجه الارض.
وعليه، سنقوم باضافة كلمة 'الاكتفاء' على عنوان المقال ليصبح 'نعارض الاكتفاء بإزالة نظام البعث في العراق'!.

الارشيف

Back to Top