سياسة القضم المتكرر

أثيرت ضجة صحفية قبل أيام نتيجة قيام وكيلة احدى المدارس الثانوية في منطقة الفروانية بطرد مجموعة من طالبات المدرسة لعدم التزامهن ارتداء الحجاب!
عادت الأمور في اليوم التالي الى طبيعتها بعد ان طلب مسؤولو الوزارة من وكيلة المدرسة عدم تكرار عملية الطرد!
ظاهريا، انتهت المشكلة عند هذا الحد، بلا غالب ولا مغلوبِ ولكن في حقيقة الأمر، وعلى أرض الواقع، خسرت القوى الليبرالية المعركة منذ بدايتها!
فقد نجحت الوكيلة أولا في اصدار تحذيرها بطرد أي طالبة غير محجبة.
كما نجحت ثانيا في تنفيذ قرارها، وفرضت الخبر على مختلف وسائل الاعلام المحلية والاقليميةِ كما نجحت ثالثا في معاقبة أولياء أمور الطالبات غير المحجبات، وذلك باجبارهم على ترك اعمالهم لأخذ بناتهم من المدرسة.
كما نجحت في تجنب اتخاذ أي اجراء اداري في حقها، على الأقل خلال العام الدراسي الحالي، فهي قوية، ليس فقط بالمؤسسات التي تقف وراءها، وبالعقلية الانهزامية والمترددة التي تقف أمامها، بل ايضا بضعف الموقف الحكومي تجاه أي تصرف شاذ يصدر عن معاقل الارهاب والتخلف في البلد.
كما نجحت، وهنا الجزء الأخطر في الموضوع، وبشكل مذهل، في ادخال الرعب في قلوب آلاف الطالبات، ليس في مدرستها فقط بل في عشرات مدارس البنات الأخرى، من قضية عدم ارتداء الحجابِ ويمكن الجزم بأن عددا من الطالبات اللواتي تم طردهن في ذلك اليوم من تلك المدرسة الثانوية، وطالبات من مدارس اخرى غير معنية بالأمر، قد عدن لمدارسهن في اليوم التالي وعلى رؤوسهن الحجاب المطلوب، وهذا ما هدفت إليه تلك الوكيلة، وهو ما سيتكرر حدوثه في مدرسة ثانية وثالثة، ولكن سيحدث ذلك من غير ضجة اعلامية أو غيرها، لتستمر عملية قضم حقوقنا المدنية قطعة قطعةِ والغريب ان البعض لا يزال يعتقد انه في مأمن عن كل ما تمثله تلك التصرفات من خطر على حرياتنا العامة وحقوقنا المدنية التي بذلت في سبيلها الكثير من الأرواح الغالية في مختلف دول العالم!

الارشيف

Back to Top