الكويت والديموقراطية والسحر

تعتبر الكويت دولة ذات تعداد سكاني لا يتجاوز الثمانمائة الف بكثير، ومساحتها ايضا لا تزيد عن 15 الف كيلو متر مربع بكثيرِ لدى الكويت وفرة مالية نتيجة استخراج النفط الخام وتصديرهِ تدين الدولة بالاسلام ويسودها المذهب السني المالكي، بالرغم من وجود اقليات مذهبية ودينية اخرى، الا ان الفئة الاولى هي المسيطرة على غالبية مقاليد الامور في البلاد.
مع بداية الستينات تحولت الكويت من نظام قبلي محكوم لأسرة الصباح بقيادة كبير الاسرة، الى نظام دستوري الامة فيه مصدر لجميع السلطاتِ مع تزايد عائدات النفط، وما سبق وتبع ذلك من تسييس للمجتمع، ان كان بصورة طبيعية نتيجة للعملية الديموقراطية، او بسبب سعي الاسرة، او الحكومة، للتقوي بأصواتها، وجعلها تعمل لصالحها في المجلس التشريعي، نشأت عدة تكتلات سياسية محاولة ملء الفراغ السياسي الناتج عن غياب الاحزاب السياسية.
كان نصيب بعض هذه التكتلات الفشل ميدانيا بسبب خوف السلطة من تطلعاتها القومية من جهة، وما كانت تشكله جذورها الوطنية من جهة اخرى، من رفض شبه فطري للتسلط غير الدستوري!
اما في الجانب الآخر، فقد حالف مجموعة حزبية اخرى، مناوئة للاولى، نجاح سياسي كبير، اما بسبب جذورها التاريخية والدينية، او بسبب انتمائها لتنظيمات دولية ذات خبرة في المناورات السياسية، وفي عقد التحالفات، الامر الذي سهل عليها التحالف المبكر مع الحكومة، خصوصا ان ادبياتها السياسية لم تكن تظهر رغبتها العلنية والواضحة للوصول الى السلطة.
وهكذا، قامت الحكومات المتعاقبة، في سعيها للحصول على اصوات النواب، بعقد تحالفات سرية وعلنية مع اكثر من جهةِ كما سعت، بالترغيب احيانا، وبالتهديد احيانا اخرى، بكسب النواب الى جانبها، الامر الذي ادى بعدد من النواب الرماديي اللون للانضواء تحت راية الاحزاب او التكتلات الدينية المرضي عنها، وهذا سهل للاخيرة امر القيام، بدعم ومباركة حكومية رسمية، بتأسيس مختلف المؤسسات المالية والجمعيات الخيرية التي كان لها قصب السبق في امتصاص فوائض الاموال النفطية من جهة، وزرع اعوانها في مختلف الاجهزة الحكومية المهمة والخطيرة من جهة اخرىِ ولكي يستمر احتفاظ تلك المؤسسات المالية بما حققته من مكاسب سياسية، والاهم من ذلك، من مكاسب مالية ضخمة، فقد سعت الى صبغ المجتمع بصبغتها الدينية الخاصة، ومن هنا كانت بداية نشر ثقافة جاهلة بين افراد المجتمع التي نعاني من مخلفاتها الآن، والتي تمثلت اخيرا بشكل صارخ في تجنيد صبية صغار لقتل الاميركان في بلاد العراق، وما وراء البحار.
***
ملاحظة (1):
توجد في الكويت اعلى نسبة في العالم من مكتبات بيع كتب السحر والشعوذة وعذاب القبر وتفاسير الاحلام، ولو منع الدعم السري عن هذه المكتبات لكان الاغلاق التام والموت الزؤام مصير الكثير منها.
***
ملاحظة (2):
قمت قبل شهر تقريبا بدفع مبلغ 250 دينارا لإحدى شركات الزراعة مقابل ازالة 8 شجرات من امام احد المخازن في منطقة الري المزدحمة والمكتظة، اي بواقع 32 دينارا لإزالة ونقل الشجرة الواحدة!ِِ وزير اشغال سابق وافق على دفع مبلغ مليون واربعمائة الف دينار لمقاول بورصوي مقابل ازالة 7000 شجرة من منطقة جنوب السرة المفتوحة والسهلة، اي بواقع 200 دينار للشجرة الواحدة!
اللطيف والظريف والجميل والحبيب في الامر ان منطقة جنوب السرة لم تكن فيها تلك الكمية من الاشجار منذ منتصف الالفية الثالثة السابقة على ميلاد المسيح وحتى الآن!

الارشيف

Back to Top