فضيحة في السالمي

عندما تريد الحكومة 'إكرام' طرف محدد بمشروع ما، فإنها عادة ما تقوم بوضع شروط محددة بحيث لا تنطبق إلا على ذلك الطرف لضمان فوزه بالمشروع، ولكن بسبب شيوع وافتضاح أمر هذا الأسلوب، لجأت الحكومة، وهنا نقصد بلدية الكويت، لضمان فوز جهة محددة بمشروع محدد الى أسلوب جديد.

تنوي البلدية تخصيص قطعة أرض، عن طريق مزايدة مفتوحة، تبلغ مساحتها 500 ألف متر مربع تقع بعيدا عن مظاهر الحضارة في الصحراء على طريق السالمي، لتستغل كنقطة تجمع للشاحنات.
ومن أجل ذلك، قامت البلدية بطباعة وبيع وثائق المزايدة التي صممت شروطها بطريقة تجعل من الصعوبة بمكان، ان لم يكن من الاستحالة، ضمان الفوز بها بسعر معقول، ومن ثم الالتزام بكل شروطها من دون خسارة كبيرة، في حال عدم رضا البلدية التام عن المستثمر الفائز!
تبلغ مدة عقد التأجير الموقف 5 سنوات، ونسبة التأمين 15%، وهي عادة 10%، يلتزم المستثمر المشروع بتصميم المباني والمواقف و'ربطها' مع الطرق الخارجية، وتنفيذ 'كل' ما يتم طلبه من قبل البلديةِ يغرم المستثمر 100 دينار يوميا عند تخلفه عن صيانة ونظافة الموقع، ويغرم 500 دينار يوميا عن تأخره في المباشرة بالعمل في الوحدةِ على المستثمر، فور فوزه بالعقد، مراجعة المرور وقسم الدراسات المرورية وقسم الطرق في البلدية واتباع كل المعايير الخاصة بمداخل الموقع ومخارجه وتوفير اللوحات الارشادية بأكثر من لغة، وتخصيص أماكن لعبور المشاة، وتخطيط أماكن الانتظار، وتزويد المشروع بمداخل ومخارج للطوارئ، كما يلتزم ب'تجميل' الموقع بالتشجير والتخضير والتبليط (الفترة كلها 5 سنوات)ِ ويجب عليه استعمال المواد التي تتناسب مع الظروف المناخية والبيئة في الكويت، وان تكون مباني سكن العمال والحانوت معبرة عن الطابع المعماري المميز لعمارة الخليج ومنسجمة مع طبيعة المنطقة (نذكر أن الموقف يقع في وسط الصحراء، ولا أحد في العالم يعرف ما هو الطابع المعماري المميز لعمارة الخليج)!
على الفائز توفير الحماية الأمنية اللازمة عن طريق نظام أمني ليحقق امكان المراقبة والحراسة للمشروع (تفتقد غالبية مباني الدولة هذا النظام)، كما يجب على الفائز دراسة العلاقة بين منطقة المواقف والمناطق المحيطة بها من حيث الأنشطة القائمة، و'ربط' المواقف بشبكة الخدمات القائمة أو المقترحة مستقبلا للمنطقة 'يعني خراب بيوت'، على الفائز ربط المشروع بشبكة الطرق، كما عليه الالتزام بتنفيذ أي تعديلات ضرورية تراها البلدية ضمن الطرق المحيطة بالموقع بهدف تسهيل الوصول اليه.
وأخيرا، على الفائز، ان بقي حيا حتى هذه المرحلة ولم يعلن افلاسه، توفير كل الخدمات والمرافق الاساسية للمشروع وربطها بالخدمات تحت الأرضية القائمة (المنطقة صحراوية وبعيدة عن العمران) وتشمل المياه والكهرباء وخطوط الهاتف، وطبعا 'الصرف الصحي'، مع امكان توسيع الطلب على هذه الخدمات!
والآن هل بقيت لدى أي طرف كان، شركة أم فردا، أي رغبة في المشاركة في هذه الممارسة، في غياب اي 'واسطة' أو علاقة مريبة بشخص ما في البلدية؟
نطالب وزير البلدية بالوكالة، والذي هو بالمناسبة وزير العدل، النظر في هذه الفضيحة، علما باننا لا ندعو هنا للتقليل من شروط هذه المزايدة وجعلها أقل شدة وقابلية للتطبيق، بل نود فقط طرح سؤال يتعلق بحقيقة نوايا من قام بوضع شروطها التعجيزية، وهذا ليس من الصعب معرفته!

ملاحظة:
أليس من المستغرب، أو بالأحرى من المتوقع، ان كل الجرائم العائلية البشعة وغير الإنسانية التي وقعت في السنوات الأخيرة تركزت في المناطق التي تنشط فيها الاحزاب الدينية بشكل ملفت للنظر عن طريق فروعها الحزبية وسيطرتها التامة على دور العبادة؟ وأليس ملفتا للنظر أكثر ان كل الذين شاركوا فيها 'وصفوا' من قبل معارفهم بالصلاح والتقوى؟
ربما نحن بحاجة الى بعثة دراسية من منظمة اليونسكو العالمية لتقوم بدراسة هذه الظاهرة الغريبة، بعد ان اصبحت تهمة 'الكفر' تلحق بكل من يحاول التفكير فيها، دع عنك التجرؤ ودراستها!

الارشيف

Back to Top