الميكانيكي الجراح

عندما كنت أعيش في بريطانيا في اواخر الثمانينات من القرن الماضي أخبرنا احد مسؤولي المكتب الصحي في لندن ان وزارة الصحة في الكويت قامت بإرسال سيدة كويتية، وزوجها كمرافق لها، الى لندن لتلقي العلاج اللازم في 'لندن كلينيك' الشهير على حساب الدولة، وذلك بسبب اصابة ابهام قدمها اليمنى بورم نتيجة دخول عود اسنان فيه!! وكانت تلك القصة، او التفاهة، مدار احاديثنا لفترة طويلة، خاصة ان التكاليف الاجمالية التي تكبدتها الدولة وقتها جاوزت مبلغ 12 الف جنيه استرليني.
بالامس دخل احد العاملين لدي مكتبي ليخبرني بأن لديه قصة مع وزارة الصحة جديرة بالذكر وملخصها ان زوجته داست بطريق الخطأ، مساء يوم 18/5 على عود، او 'نكاشة اسنان'، ونتج عن ذلك دخول جزء منه في احد ابهاميها!! وقال انه قام بأخذ زوجته لزيارة طبيب مستوصف الفروانية الذي قدم لها علاجا 'اي كلام' وطلب منه مراجعة مستشفى الفروانية في اليوم التاليِ وفي اليوم التالي، وبعد انتظار و'خوذ وهات وصور اشعات'، طلب منه الذهاب والعودة في اليوم التالي ايضاِ وما ان فعل ذلك حتى قرر طبيب الفروانية تحويلها الى مستشفى الرازي، وهناك اجريت لها الفحوص والكشوف نفسها، وما كان عليهم سوى الانتظار ثم الانتظار.
كل ذلك والسيدة تشكو من آلام شديدة منعتها ليس فقط من النوم لاكثر من خمس ليال بأيامها، بل ومنعتها كذلك اربع ليال بأيامها من العناية بزوجها وابنائه حيث كانت غير قادرة على السير!!
بعد معاناة وآلام ومراجعات ودفع رسوم وتضييع وقت طال لأكثر من اسبوعين، تم تحديد يوم 19/6 تاريخا لاجراء عملية جراحية لها لاستئصال عود الاسنان من ابهامها!! اي بعد اكثر من شهر من دخول تلك القطعة الخشبية اللعينة في ابهامها!!
بسبب يأس الزوجة وقلة حيلتها وحيلة زوجها، وبعد ان سدت كافة الطرق امامهما واستحالة قدرتهما على الانتظار لاسبوعين آخرين مع كل تلك الآلام التي اصبحت تنتابها والمعاناة المحيرة التي كانت فيها، سلمت الزوجة ابهامها 'لمبضع' اخيها السري الذي نجح، بمعجزة او بغيرها، في استخراج عود الاسنان من ابهامها وكان طوله يتجاوز 2 سنتيمتر!
الزوجة الآن بخير وعادت لمزاولة واجباتها، وزوجها سعيد بانتهاء معاناتها وعذابه، اما اخو الزوجة فهو اكثر من فخور بما قام به من انجازِ بقي ان نعرف بان الاخ الجراح الذي نجح فيما فشل فيه كل من مستوصف ومستشفى الفروانية واطباء مستشفى الرازي على مدى عشرة ايام، والذي استعمل سكين مطبخ لاخراج عود الاسنان من ابهام شقيقته، يعمل في الكويت بوظيفته 'ميكانيكي سيارات'!
المستندات والاسماء موجودة لدينا بتصرف وزير الصحة بالوكالة!
* * *
ملاحظة:
نتمنى على وزير الصحة الجديد مراجعة قرار وزير الصحة الاسبق المتعلق بإجبار الشركات والمؤسسات كافة على دفع مبلغ دينارين سنويا عن كل وافد مؤمن تأمينا صحيا لديها لشركة خاصة مقابل استخراج بطاقة بلاستيكية لا حول ولا قوة ولا نفع ولا فائدة منها، والتي سميت جورا ب'البطاقة الصحية'!!

الارشيف

Back to Top