عش الدبابير والمصالح الكبيرة

لم أشعر بإرهاق ومسؤولية بعد كتابة مقال، كما شعرت بعد نشر مقال تجهيز مستشفى القلب الجديد في الصليبخات بالمعدات والتجهيزات الطبية، وهذا لاتعقيب عليه.
عدد من اتصل أو كتب معلقا، معترضا، مؤيدا أو مضيفا فاق تصوري! وتبين لي من كل ذلك ان للسياسات التي اتبعت في الوزارة في عهدي وزير الصحة ووكيلها السابقين، وما توارثه جهاز الوزارة الحالي من تركة خربة من أيام الدكتور العوضي وحتى وقت قريب، علاقة بالورطة التي تعيشها أطراف تجهيز مستشفى القلب، وهي اتحاد الجمعيات التعاونية ووزارتا الصحة والشؤون.
خلاصة الورطة تكمن في ان هناك خمس شركات محلية تعمل في مجال تزويد المستشفيات باحتياجاتها من الاجهزة الطبية، ولدى كل واحدة منها مجموعة من الوكالات الحصريةِ ولكن من الطبيعي تصور ان ليس لدى أي منها أحسن الاجهزة الطبية لجميع احتياجات مستشفى متخصص! وما يزيد الأمور تعقيدا ان كفاءة اي جهاز طبي معروف عالميا ليست العامل الوحيد الذي يجب وضعه في الاعتبار عند الاختيار، فهناك قضايا مهمة أخرى تتعلق بالخدمة بعد البيع كالصيانة والتدريب، اضافة الى عامل السعر الحيوي! وهذه جميعها أمور مهمة وخطيرة جدا ليس بإمكان لجنة طبية محلية اتخاذ قرار فيها لتشابك الأمور التقنية بالمالية مع الطبية في جهاز واحد لا يتعدى ثمنه الألف دينار بكثير!.
وعليه، فإن قرار الاستعانة بمستشارين أجانب للبت في موضوع أي الأجهزة أكثر كفاءة وأنسب سعرا والأفضل من ناحية الخدمة بعد البيع، كان القرار الأقرب للصواب!
ولكن من المعروف ان رأي الاستشاريين اعتمد على المفاضلة في الاختيارات بين أقل العروض سوءا وأكثرها تطابقا مع شروط المناقصة! وهذا يعني في أحسن الأحوال ان المستشفى سوف لن يتم تزويده بأفضل ما توصل إليه العلم من اجهزة طبية واتصال ومراقبة، كما أرادت له الجهة المتبرعة، ولكن بأقربها لذلكِ وهذا يعود، كما سبق ان ذكرنا، لعدة عوامل منها ان ليس بين الشركات الخمس من يمتلك منفردا كل الاجهزة المطلوبة التي تنطبق عليها كل شروط الجودة والخدمة والسعر!
وهذا يعيدنا الى المربع الأول، وإلى السؤال الأهم:
هل من الأفضل اتباع أسلوب المناقصة واختيار أقل العروض سوءا، وأكثرها تطابقا مع احتياجات المستشفى؟
أم اختيار أفضل الأجهزة وأكثرها كفاءة، دون الالتفات لشروط لجنة المناقصات وتعقيداتها؟
واذا كان الأسلوب الأول هو الأفضل، وهو ما يتعارض مع رغبة المتبرع في تزويد مستشفاه بأفضل الاجهزة واكثرها تطورا، فلماذا اذا تم شبه تجاهل الدراسة التي وضعها المستشارون الأميركيون langdon & wilson، وتم تشكيل لجنة محلية مؤخرا لإعادة النظر بقرار ترسية المناقصة على شركة محددة.
اما اذا كان الأسلوب الثاني هو الأفضل، وهو الذي نميل إليه تماشيا مع رغبة المتبرع، فما آلية تنفيذ ذلك، ومن هي الجهة 'المحلية' التي ستقوم باتخاذ قرار اي الاجهزة أفضل من ناحية الاداء والسعر وخدمة ما بعد البيع، وغالبية من تعتمد وزارة الصحة عليهم في عملية اتخاذ القرار هم أطباء في المقام الأول، وليسوا خبراء فنيين وماليين متخصصين في عمليات المفاضلة بين مختلف العروض.
وربما يكون الحل الوسط تطعيم اللجنة المحلية بخبير أو أكثر من احد المراكز الطبية العلمية كمايو كلينك أو كليفلاند أو غيرهما للمساعدة في اتخاذ القرار السليم بأسرع وقت، والقرار النهائي، باعتقادي، يعود الى وكيل وزارة الصحة الجديد دِ عيسى الخليفة، فعلى عاتقه وحده تقع مسؤولية اتخاذ القرار الصائب والشجاع الذي فيه مصلحة الكويت والحاجة الماسة للانتهاء من هذا المستشفى في أسرع وقت.
* * *
ملاحظة:
اترك مهمة الرد أو التعليق على رد دِ علي الصايغ، مقرر لجنة اعداد مستشفى القلب الجديد، لجهات الاختصاص والمعنيين بالأمر أكثر، وذلك لعدم اقتناعي بغالبية ما ورد في رده من تبريرات!

الارشيف

Back to Top