لا تعالج

منذ سنوات وسنوات ونحن نكتب ونحذر من المتاجرين بإدارة جلسات ومراكز 'الرقية الشرعية' والعلاج بالقرآنِ وذكرنا انه ليست هناك معايير صحية أو علمية أو طبية تسمح لهذا الشخص، أو غيره، بالمتاجرة بمثل هذه الأمور وتحقيق الأموال الطائلة من وراء الضحك على عقول الجهلة من النساء والرجال السذج، وغالبيتهم من المصابين بأمراض نفسية، وبيعهم مياها ملوثة وربطات قماش مقروءا، عليها لتكون علاجا لما يعانون من أمراض.
والغريب ان ايا من كبار مسؤولي وزارة الصحة أو الداخلية أو حتى البلدية والأوقاف، بالرغم من علمهم التام بوجود هذا التجاوز الخطير والتعدي الاخطر على حياة الناس، لم يفعلوا شيئا، منذ ما بعد التحرير بقليل وحتى اليوم، لوقف هذه الظاهرة التي استفحلت كثيرا في الفترة الأخيرة.
والغريب كذلك ان لرجال الصحافة، وكبار مسؤولي جمعيتها بالذات، دورا في نشر هذه الظاهرة الغريبة والترويج لها عن طريق فتح صفحاتهم 'اليومية والأسبوعية' للمشعوذين ولبعض مدعي العلاج بالقرآن ومفسري الاحلام الجنسية البذيئة والغريبة، والذين زاد عددهم كثيرا في الآونة الاخيرة.
كما ان ايا من رجال الدين المعروفين، وخاصة اولئك الذين عادة ما يطلق عليهم وصف 'المعتدلين أو 'الفهمانين'، لم يقم بإصدار أي فتاوى، أو حتى تصريحات، تندد بهذه المتاجرة غير الأخلاقية بالدين ذات الأبعاد الخطيرة على فكر النشء وسلامة خلقهِ وحتى عند سؤال البعض منهم عن حكم مثل هذه الاعمال فإن همهم لم يتجاوز مسألة الإثم الناتج عن اختلاط المعالج الذكر بالمريضة الانثى وما قد ينتج عن ذلك من ملامسة الأبدان'! أما تأثير ذلك في العقول فلا يبدو انه يعني شيئا لأي منهم.
والاغرب من كل ذلك ان 'مراكز الرقية الشرعية' يمكن الاستدلال عليها من اللوحات الإعلانية الضخمة الموجودة على الطرقات والمناطق السكنية، وعلى محلات ومراكز وبيوت معروفة، ويمكن الاستدلال عليها بسهولة مما يوحي وكأنها مرخصة من الدولة، وهذا يعني تورط الصحة والبلدية والتجارة في مستنقع الترخيص! وان لم يوجد لدى أي من هؤلاء المعالجين أو المراكز أي تراخيص لمزاولة علاج الرقية الشرعية، وهذا هو الاحتمال الارجح والاخطر، فإن هذا يعني ان ما يجنيه بعض هؤلاء المعالجين كبير، بصورة تسمح لهم بصرف بعضه لشراء سكوت الكثير من الجهات المعنية بالأمر عنهم!
وقد صرح السيد سالم سعد الطويل، وهو رجل دين، في هذا الصدد بأن هدف الكثير من قراء الرقية هو الكسب المادي، وان الكثيرين منهم لا يعرف القراءة ولا التقوى ولا الصلاحِ وبعضهم شباب صغار يخالطون النساء ويلامسون أبدانهن، وان طلب الرقية من الآخرين عمل مكروه مناف للإيمان!
ملاحظة: كتب العشرات عن كبرى حالات الفساد وقضاياه وأملوا خيرا في قيام الجهات التنفيذية أو التشريعية باتخاذ إجراء ماِ
ولكن الظاهر اننا نعيش جميعا في وهم كبيرِ فإذا كانت الدولة برمتها، ممثلة بالبلدية والاوقاف والعدل والتجارة والداخلية، عاجزة عن منع مشعوذ جاهل وأمي، وقد يكون مقيما بصورة غير مشروعة في البلاد، عن استغلال جهل البسطاء والسذج وسلبهم اموالهم في مراكز الرقية الشرعية والعلاج بالقرآنِِ فكيف نأمل وضع حد لما هو أخطر من ذلك بكثير؟!

الارشيف

Back to Top