ثقافة الصحراء

بعد مرور اكثر من 200 عام على الثورة الصناعية الاولى في اوروبا، اعلنت دول الاتحاد الاوروبي أخيرا عن قيام الثورة الصناعية الثانية التي تهدف لتقليل اعتماد دول الاتحاد على الطاقة النفطية بنسبة 20%، مع حلول عام ،2020 عن طريق الاعتماد بشكل اكبر على مصادر الطاقة البديلة من ذرية وشمسية وهوائية!! وهذا يعني في حال نجاح 'الثورة'، وهو امر شبه مؤكد، بعد ان تم اعتماد خطة الاستبدال ووضع الجدول الزمني للتنفيذ ورصد الاموال اللازمة لذلك، يعني ان دولا ومناطق اخرى مستهلكة كبرى كالهند والصين ستحذو حذو دول الاتحاد الاوروبي، وتضع خططا مماثلة لذلك، مما يعني في نهاية الامر انتهاء سيطرة دول الاوبك النفطية على مصادر الطاقة وانخفاض دخلها من عائدات بيع النفط بدرجة كبيرة للبعض، وقاسية وقاضية للبعض الآخر.
فتبعا لذلك، وعلى ضوء الانخفاض الكبير الذي طرأ أخيرا على اسعار النفط عالميا، والذي يتوقع بقاؤه على هذه الحال لفترة طويلة قادمة، وعلى ضوء فشلنا في استغلال فوائض النفط المالية في تنمية قطاعات غير نفطية قادرة على خلق فرص عمل لمئات آلاف الايدي العاملة الكويتية، فإن ما تقوم الحكومة باتباعه من سياسات رفض توسلات النواب المتعلقة بزيادات الرواتب وتوزيع الاموال النقدية على المواطنين دون سبب. وانشاء الشركات العملاقة وتوزيع اسهمها على المواطنين مجانا، وإلغاء قروض الدولة والمصارف عنهم.. كل هذا الرفض للمطالب النيابية يعتبر على المدى البعيد عين العقل والحكمة التي طالما افتقدناها في حكومات سابقة!!
ان الاسلوب الصحراوي في العيش - المتمثل بصرف ما في الجيب لنرزق غدا بما يأتي به الغيب، فالزرع والماء الموجود في منطقة ما يجب الاستفادة القصوى منه، لانه سيختفي في اليوم التالي - اسلوب حياة لا يصلح لادارة دولة تود مواكبة العصر. فهناك حسابات واحتياطات واجيال قادمة ومتطلبات معيشية والتزامات امنية ودولية وتعليمية وصحية يجب حساب تكلفتها والاحتياط لها. ومن المؤسف ان نرى ان حكومات دول مجلس التعاون، ونخص الكويت هنا بالذات، ببرلمانها الضعيف، اعجز من ان تستوعب المدلولات والنتائج الخطيرة لقرار الاتحاد الاوروبي. فغالبية نوابنا من الذين تعودوا على سياسة الكلأ والكلك على عقول ناخبيهم، غير معنيين بحسابات المستقبل، الذي لا تمثل مخاطره شيئا بالنسبة لهم.
فهم على ايمان تام بان الغيب الذي سبق وان رزقنا منه عندما كنا في واد غير ذي زرع، سيرزقنا عندما تذهب الاقدار بنفطنا ادراج الرياح!!
ولكن ماذا عن 'اعقلها وتوكل'؟ لست ادري!!.

الارشيف

Back to Top