فك السحر عن بعد

أثناء متابعتي لنشرة أخبار تلفزيونية كانت تصور قيام بعض المتشددين اليهود بالصلاة امام 'حائط المبكى' وهم يقومون بهز رؤوسهم اثناء تلاوتهم لاجزاء من كتبهم الدينية المقدسة، لاحظت قيام بعضهم بوضع قصاصات ورق مطوية ضمن شقوق الحائط. كما لاحظت قيام البعض الاخر بوضع ايديهم على الحائط وهي تحمل هواتف نقالة حديثة. وبسؤال بعض العالمين عن حقيقة هذا التصرف قيل لي إنها طريقة صلاة يهودية حديثة. حيث يقوم شخص ما، وعادة ما يكون خارج اسرائيل، بالاتصال بمن يعرف، عندما يكون الاخير موجودا امام الحائط ليطلب منه وضع الهاتف النقال على الجدار ليتمكن من اداء صلاته عن بعد، من استراليا مثلا!
تفتقت اذهان بعض المستفيدين من الدين لدينا، والمتاجرين به عن فكرة مقاربة لفكرة الصلاة اليهودية عن بعد وذلك باستغلال الهواتف النقالة في تحقيق الارباح دينيا!!
في البداية قام رجال الدين هؤلاء بنشر اعلانات تتعلق باستغلال خدمة الهواتف النقالة في ارسال آيات وادعية دينية عن طريقها وذلك بمجرد الاشتراك في الخدمة مقابل دفع رسم سنوي او شهري بسيط.
تطور الامر بعدها واصبح البعض من هؤلاء يعلن عن استعداده للقيام بالرقية الشرعية ولا ادري ان كانت هناك رقية غير شرعية عن طريق الهاتف النقال وايضا مقابل رسم شهري او سنوي بسيط!
من واقع ما اعلم فإن الرقية تتطلب وجود المريض البائس، طالب الرقية والراقي في مكان واحد لكي تتم عملية التواصل الروحي على الأقل، بينهما. وبالتالي فإن فكرة ارسال الرقية عن طريق الهاتف النقال وحصول مريض السرطان او المصاب بالمس، او من به أو بها، جن، في حكم البدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة، جديدة كانت أم قديمة، في النار.
ان ما يحدث من خلل نفسي وفكري واجتماعي في مجتمعنا الصغير أمر مخيف حقا. فنحن، وبعد ثلاثمائة عام من الثورة الصناعية، نجحنا في تسخير افضل ما انتجه العقل البشري في وسائل الاتصال في فك السحر وضرب المندل وكت الفال.. ولكن عن بعد، أي بالريموت.

الارشيف

Back to Top