سيدي محمد بن راشد

لكي تكون رسالتي هذه من القلب والعقل والى القلب والعقل فانني أستميحك عذرا في عدم استخدامي أي لقب رسمي في مخاطبتك.
لاشك انك تعرف جيدا موقع الكويت الجغرافي ودورها الحيوي في تاريخ المنطقة وما كان يربطها وامارات الخليج الاخرى من علاقات اخوة ومودة، وخصوصا مع دبي التي توثقت العلاقات معها وتطورت منذ منتصف الستينات وحتى اليوم.
هناك شركة كويتية مساهمة يقارب رأسمالها وموجوداتها المليار دولار.
وتمتلك اكثر من 1000 حافلة ركاب وشاحنة ضخمة تستخدم في نقل مواد حيوية للدول المجاورة، وخصوصا العراق.
واجهت هذه الشركة الضخمة عراقيل بيروقراطية ستضحك عند سماعها، ليس سخرية من وضعنا، ولكن استنكارا لحدوث مثل ذلك في دولة الكويت، وربما لا تزال، نموذجا يحتذى في الريادة التجارية وأخذ المبادرة والتفوق والابتكار.
تكمن مشكلة هذه الشركة العملاقة في تردد سلطات دولتها، ومنذ سنوات، في تخصيص ارض لوقوف مركباتها. فكما تعرف يا سيدي جيدا ان من الاستحالة بمكان الاحتفاظ بمثل هذا العدد الكبير من المركبات في حالة حركة دائمة، فالعقود تبدأ وتنتهي، ولا بد من وجود مكان لوقوفها في لحظة ما! ولكن السلطات البلدية كانت لها بالمرصاد وكانت تلاحقها وتلاحق شاحنات الشركات الاخرى من مكان الى آخر، وهذا قد يبدو لكم يا سيدي من ضرب الخيال، لكنه واقع مر ومبك في الوقت نفسه!
اما المشكلة الثانية، والتي تهون امامها القضية الاولى، فتكمن في التغير الذي طرأ على الشروط الامنية الجديدة التي طبقت من دون فترة انذار والتي منع بموجبها دخول شاحنات الشركات، وغيرها، الى دول مجاورة ما لم تكن اقامة السائق على الشركة نفسها المالكة للشاحنة! وهذا يعني ان السائق يجب ان يعمل بصورة رسمية لدى الجهة نفسها التي تمتلك الشاحنة التي يقودها. وبخلاف ذلك فلن يسمح له ولها بالدخول.
دفع هذا القرار المفاجئ اصحاب الشركة للجوء الى السلطات الامنية طالبين تعديل اوضاع اقامات سائقي مركباتهم فكانت المفاجأة رفض 'السلطات' طلبهم بحجة ان عدد العمالة الموجودة على كفالة الشركات كاف! وان 350 سائقا على كفالتها كاف لقيادة شاحنة نقل وقود وحافلة!
فهل تتخيل يا سيدي، مجرد تخيل، ان سلطات دبي سترفض في يوم ما تخصيص مواقف كافية لسيارات شحن وحافلات ركاب، بسبب حسد موظف، وتخسر الدولة عشرات الملايين من الدولارات كقيمة تأجيرية لهذه المواقف؟.. دع عنك، يا سيدي، اهمية وجود مواقف قانونية كافية للشاحنات والمركبات وهل ستتخيل ان سلطات دبي ستفرض في يوم امرا حيويا آخر برفض منح اقامات لشركة نقل عملاقة تقوم بوظيفة حيوية لا يمكن التساهل فيها بحجة ان 350 اقامة سائق تكفي لقيادة 1000 مركبة وشاحنة!
نعود للغرض من توجيه هذه الرسالة لكم يا سيدي لنقول اننا قمنا، وعشرات الآلاف من المستثمرين غيرنا، باستثمار الكثير في امارة 'دبي'، ثقة منا في اسلوب عمل سلطاتها من جهة وايمانا بما تحلت به من بعد نظر، ولعدم تركها المجال للنفس البشرية الحاسدة لان تعرقل مشاريع المستثمرين ورجال الاعمال وترفض التوقيع على معاملاتهم بحجج واهية. وهكذا لم تطغ المسؤولية الوظيفية، او توقيع المدير، على العمل التجاري، وهذا ما لم نوفق في تحقيقه في السنوات الاخيرة. وبالتالي لم يتدخل حسد الموظف لديكم، الذي يعرف بان توقيعه سيعني الكثير للمستثمر في عرقلة المشروع وانهاء حياته، فسلطان بن سليم الذي قاد مركبته بصحبة احمد الصراف في عام 1982 لاقناعه باستئجار ارض في منطقة 'جبل علي' لتخزين خشب 'الماهوجني'، هو نفسه الذي قاد مركبته بعد ربع قرن تقريبا، بصحبة مجلس ادارة شركة كويتية كبيرة، لاقناعها باستثمار مئات الملايين في مشروع جزر العالم!
خلاصة القول يا سدي، ان ما نتمناه من كتابنا هذا ان تبقى دبي في عهدكم، وبعد عمر طويل من بعدكم، مزدهرة وعامرة والا تصدق مقولة 'كويت الماضي، ودبي الحاضر، وقطر المستقبل'! وان نصبح جميعا: 'دول المستقبل'.
***
* سمو الشيخ محمد بن راشد، حاكم دبي ورئيس مجلس وزراء دولة الإمارات

الارشيف

Back to Top