محمد الجاسم وشيكات الرئيس

قلة فقط يمكنها القول ان لا مشاعر مختلطة تتنازعها ذات اليمين وذات الشمال في موضوع استجواب سمو رئيس مجلس الوزراء. وقد تكون غالبية هؤلاء، ولاي طرف انتموا، من الواهمين في مواقفهم، أو المنحازين لهذه الجهة أو تلك لسبب أو لآخر أو لمصلحة ما. والشيء ذاته يمكن قوله في موضوع حجز حرية السيد محمد عبدالقادر الجاسم وإطلاق سراحه، وأيضا في ما يتعلق بمجمل مواقفه. فمنذ كان السيد محمد الجاسم رئيسا لتحرير صحيفة الوطن وحتى خروجه منها، والبدء بكتابة مقالاته وتحديد مواقفه السياسية الجديدة من قضايا المجتمع، وحتى ساعة اعتقاله لدى السلطات الأمنية المسؤولة عن الجنايات، ومشاعر عدة مختلطة ومتضاربة تنتابني، ولا تزال، بخصوص تحديد موقفي منه. فمن جهة لا أملك الا التعاطف معه في البعض من أقواله، وهذا ما دفعني لأكون في الصفوف الأمامية في ندوة عقدت للتضامن معه اثناء فترة حجزه في المباحث «الجنائية». ومن جهة اخرى، لا استطيع بسهولة تجاوز سابق مواقفه وآرائه عندما كان رئيسا لتحرير «الوطن»، من القضايا نفسها التي يستميت الآن في الدفاع عنها، فعلى أي الموقفين يجب أن أبني موقفي منه؟
لا اعتقد، من خلال ما اعرف عنه، وعن سابق ولاحق طموحاته السياسية، انه كان سيقف معي أو مع غيري، أيا كان، لو تعرضنا لمثل ما تعرض له! أقول ذلك بسبب ما وصلني من انتقاد من البعض لحضوري جانبا من ندوة التأييد تلك، فقد كنت أجلس على مقعد وأنا على ثقة بانه لم يكن ليجلس عليه لو كنت انا في مكانه، فلم يعرف عن السيد الجاسم ذلك التعاطف الجم مع الغير، والمودة مع أصحاب القلم أو حتى مع هواة الكتابة اليومية، ولو أننا لا نستطيع أن ننكر عليه صدق مواقفه الحالية، فنحن لا نعرف حقيقة سرائره ولا حقيقة منطلقاته وطموحاته السياسية، بالرغم من انه أظهر تلك الطموحات بجلاء أكثر من مرة من خلال ترشحه لانتخابات مجلس الأمة.
نعم، نحن مع الجاسم من منطلق إيماننا بحرية الرأي وليس من منطلقات شخصية، فليس في قلبنا حقد ولا ضغينة عليه لنطالب باستمرار مضايقته، أو النيل من حريته وحجب موقعه الإلكتروني، فقضايا الحرية لا تتجزأ. وربما من المفيد أن نتعلم من قصة الجاسم اننا عندما نرتفع في الأهمية والثراء والمنصب فإننا يجب ألا ننسى من نمر بهم في طريقها، فقد نحتاج اليهم عندما نبدأ بالسقوط، وهو أمر وارد دائما! ولهذا لم يكن مستغربا ملاحظة عدم اكتراث، وربما تشفّي، جهات عدة، كان ولا يزال لها دور كبير في قضايا الحرية، عدم اكتراثها بقضية الجاسم أو حتى مجرد محاولة التعليق عليها، وكأن الأمر لا يعنيهم، وليس من السهل لوم هذه الجهات على مواقفها، فلا تزال الحقيقة.. غائبة!

الارشيف

Back to Top