فرتر.. وآلام صباح الريّس

تعتبر رواية «آلام الشاب فرتر» the sorrows of young werther واحدة من أشهر الروايات العالمية، لعبقري اللغة الألمانية الشاعر غوته، وهي رواية رومانسية كلاسيكية حزينة، ويقال إنها أثرت في كثير من شباب ذلك الزمان، وانتحر البعض على إثرها.
* * *
تعتبر «دار الآثار الإسلامية» واحدة من أهم معاقل الثقافة، شبه الحكومية، وما يعرض على مسرحها في اليرموك لا يمكن أن تجده في أي مكان آخر، فقد دأبت الدار على إثراء المشهد الثقافي والفني المحلي بفعاليات قيمة، سواء من خلال محاضرات ثقافية تناقش قضايا مهمة يعانيها أفراد المجتمع أو قضايا تاريخية، أو أمسيات فنية ترسم البهجة وتدخل السرور في نفوس الحضور، والقائمون عليها يحرصون على مخاطبة عقول كل شرائح المجتمع وفئاته، في محاولة للرقي بطرق التفكير، لذا، تشهد أنشطتها حضوراً راقياً وكثيفاً. كما أن الدار أصبحت مزاراً لكثير من رعايا الدول الأجنبية، لكونها الحاضن الثقافي الأشهر في الكويت، حيث يتوافد إليها الكثير من الراغبين في الاطلاع على الثقافة الكويتية والعربية العالمية، ومع الوقت أصبح وجود الدار أمراً بالغ الأهمية والحيوية، ومتنفساً للكثير من أصحاب الإبداعات الجديدة، وحتى من المبدعين العالميين، الذين تتم دعوتهم، محلياً أو خارجياً، للمشاركة في أنشطة الدار.

تتنوع أنشطة الدار من تراث وتاريخ وجغرافيا إلى الآثار والموسيقى وإقامة فعاليات متنوعة أخرى، ويدير النشاط الموسيقي باقتدار المهندس الفنان صباح الريس، صاحب صالون الموسيقى المعروف.

دار الآثار مؤسسة ثقافية غير ربحية، تعتمد على اشتراكات أصدقاء الدار السنوية، في تمويل أنشطتها، وهي قليلة أصلاً، إضافة لما تتلقاه من مساعدات مالية من المجلس الوطني للثقافة. لكنها أصبحت مؤخراً تُعامَل بطريقة غريبة من قبل الجهات الرقابية، بعد أن تدخل المراقب المالي «الجديد»، وأصدر قرارات قد تؤدي لإيقاف نشاط الدار، الموسيقي بالذات، بدلاً من تذليل العقبات التي تواجهها للاستمرار في تقديم فعالياتها، حيث اشترط المراقب على الدار وجود عقد موقع بين الدار والفرقة الموسيقية، يسبقه تقديم ضمان مصرفي بمبلغ 300 دينار، لكل عقد، وهذا لم يحصل على مدى ثلاثة عقود من عمر الدار، فكيف لفرقة موسيقية قادمة من الخارج تقديم ضمان مصرفي؟ علماً بأنه ليس بإمكان الدار أصلاً إصدار مثل هذا الضمان المستغرب، إذ إن التعاقد مع الفرق الأجنبية يتم قبلها بأشهر تزيد أحياناً على الستة، حتى ان النظام السابق، وقبل طلب الضمان، لم يكن يوماً مريحاً ولا عادلاً، حيث كان ولا يزال يتطلب من الفرق الأجنبية الحضور إلى الكويت وجلب كل معداتها وآلاتها، وإقامة الحفل والانتظار بعدها لفترة تصل أحياناً لسنة قبل أن تتلقى مكافآتها!

إجبار فرقة موسيقية فنية عالية المقام والقدر على توقيع عقد مقاولة، يشبه عقد مقاولة بناء بيت، أمر مخجل، وسيؤدي حتماً لإلغاء كل الفعاليات الموسيقية، المتفق عليها مسبقاً. كما أثّر القرار حتى في من قام بتقديم عروضه، إذ لن يتسلّم شيئاً من الدولة!

ما يحدث تصرّف سيئ مقصود غالباً، وإساءة للثقافة! وكما خربوا أنشطة مركز جابر، أو دار الأوبرا، فسينجحون في تخريب أنشطة دار الآثار حتماً، وهذا ما يريده تيار التخلّف، الطاغي على الساحة!

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top