معضلة حمد مع عبدالصمد

إذا كنا أعجز من أن تكون لدينا، منذ أكثر من ثلاثين عاما، إدارة بريد، مهمتها الأساسية استلام رسالة من شخص أو جهة، داخل الكويت أو خارجها، وتسليمها للمرسل له، داخل البلاد أوخارجها، فكيف يمكننا النجاح في إدارة اقتصاد البلاد وتطوير التعليم والسير في التنمية وتقليل الاعتماد على النفط، و1242 مشكلة أخرى؟

منذ عشرة أعوام تقريبا، وأنا اكتب منتقدا وجود «هيئة» لطباعة القرآن، في ظل وجود جهات عدة، يُعتمد عليها، يمكن أن تقوم بتزويدنا بكل احتياجاتنا من المصاحف، علما بأن إنشاء هذه الهيئة، التي فشلت على مدار 13 عاما، وعشر حكومات، في أن تطبع نسخة مصحف واحدة، جاء فقط لتحقيق منفعة حزبية وشخصية، وليس لحاجة ضرورية!

ومنذ سنوات وأنا انتقد وجود 6 محافظات، بست محافظين، بخبرات متنوعة، لكن لا أحد منهم يعلم علم اليقين، ولو قريبا من نصف اليقين، حقيقة مهمته، ولا سبب ملايين الدنانير التي تصرف وتهدر، دون سبب حقيقي، والطامة أن عدد من يعمل في المحافظات الست يبلغ 300 موظف مدني وعسكري، تقريبا، وعدد من يعمل في المجلس الأعلى لشؤون المحافظات، يتجاوز ألفي مدني وعسكري، تقريبا، أي خمسة موظفين، لا يقومون بأي عمل محدد، تقريبا، للإشراف على عمل 300 موظف لا يقومون بأي عمل تقريبا.

هذه بضعة امثلة فقط يمكن ان ينطلق منها سمو رئيس مجلس الوزراء لتحسين بيئة العمل، ورفع الروح المعنوية في المجتمع، الذي يئس تماما من قدوم الإصلاح!
* * *
بدأ تدهور الخدمة البريدية، وكامل كيان وزارة المواصلات، قبل الاحتلال الصدامي، وساء الوضع أكثر بعد التحرير، وأصبحت وزارة خالية من الروح، خاصة بعد تأسيس الهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات، قبل عشر سنوات، التي سرعان ما أصبحت بقلة كفاءة الجهة التي انفصلت عنها نفسها.

لقد حاولت جهات حكومية عدة تطوير خدمة البريد، عن طريق تلزيم الأمر لشركات خاصة، لكن جميع محاولاتها فشلت، ولا أحد يعلم السبب، أو يود معرفته، فكيف يمكننا أن نصبح مركزا ماليا، نصف دولي، إن كنا عاجزين عن تلزيم توزيع البريد لشركة محلية؟

أتذكر أن أحد وزراء المواصلات قرر يوما طرح مناقصة تتعلق بتلزيم طباعة وتوزيع 300 ألف فاتورة هاتف أرضي، فتقدمت 10 شركات للمناقصة، وكان متوسط أسعارها مليون دينار، وشذت عنها شركة واحدة قدمت عرضا بـ75 ألف دينار، فقرر الوزير ترسية المناقصة عليها، وخلال ساعات تبين الخطأ، واعتذرت الشركة عن القيام بالمهمة، فصودرت كفالتها، وقرر الوزير، حينها، وكان ذلك قبل أربعين عاما تقريبا، وقف طباعة وتوزيع فواتير الهاتف، حتى يومنا هذا!
* * *
كالكثير من الأمور الأخرى التي تدهورت، كان البريد، حتى منتصف السبعينيات، جيدا وسريعا، ومع زيادة العاملين، من العلماء والبطالية فيه، تردى وضعه للحضيض، أو شيء منه.

يقول صديقي حمد إنه أرسل ظرفا كبيرا مع عبدالصمد لمكتب البريد، بعد أن دوّن عنوان المرسل إليه على الملصق، فاعترض موظف البريد «العالم»، وطلب كتابة العنوان على الظرف نفسه، ونصحه بتسليم المغلف لمكتب بريد الفروانية، لكي يُرسل باليوم نفسه، للمطار، وبخلاف ذلك سيتأخر، لأن البريد يتم جمعه من بقية المكاتب مرتين في الأسبوع... فقط.

والبعض يدعو الله ألا يغير علينا!

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top