إدانة الوزير صفر

يربطني بالوزير صفر أمر واحد، فقد سمي بـ«صفر» ربما تيمنا بالشهر الذي ولد فيه، وهو شهر مولدي نفسه، ولكن أهلي اختاروا لي أحمد! وبخلاف ذلك فالبون شاسع بيننا، ولو كنت نائبا في البرلمان، ولحسن الحظ لست كذلك، لما ترددت في استجواب الوزير صفر، فهو، ولا أحد غيره في الوقت الحالي، مسؤول عن فوضى الأغذية الفاسدة والمنتهية الصلاحية التي تبين أنها قد أغرقت الاسواق. أقول ذلك لأن السيد صفر لم يأت الوزارة من الجيش أو التربية البدنية، بل من رحم البلدية ومن داخل جلدها السميك، ومن المفترض بالتالي علمه التام بخفايا تلك المغارة وفسادها، وطريقة معالجة أمورها أو حتى البدء بمعالجة البعض من مصائبها، عندما قبل أن يكون المسؤول الأول عنها! ولكن، كغالبية زملائه الوزراء، ومن سبقوه في المنصب، اختار السلامة وتبنى هواية إطلاق غير المهم من التصريحات، والتصوير في المناسبات، وهذه الهوايات بالذات هي التي دفعتنا لكتابة هذا المقال عنه بعد أن صرح قبل أيام بأنه «أصدر أوامره» لمفتشي البلدية بتكثيف حملاتهم وضبط الأغذية المغشوشة والفاسدة ومنتهية الصلاحية! فأين كان من هذا القرار يوم قَب.ل بحقيبة البلدية؟ وهل كانت سابق تعليماته تقضي مثلا بالتخفيف على موردي المواد الغذائية والآن يود التشديد عليهم؟ لقد كان طوال الوقت على علم تام بتخلف إدارة الأغذية المستوردة وفسادها وحاجتها الماسة للتطوير والحصول على أجهزة فحص دقيقة وسريعة، ومع هذا لم يحرك ساكنا، حتى انفضح الوضع الغذائي المأساوي الذي نعيشه، حينها فقط تحرك ببطء واصدر أوامر، لم تنفذ، بإنهاء خدمات رئيس إدارة الأغذية المستوردة، والذي أتعاطف معه هنا إلى حد ما، فربما طلب هذا المدير من الوزير، وممن سبقه، بضرورة تطوير إدارته، كما طالبه غيره بتفعيل أجهزة الرقابة والكشف على المطاعم ومخازن المواد الغذائية، وكان من المفترض به أن يكون أكثر تفهما لطلباتهم، ولكنه كالعادة اختار إطلاق التصريحات والإبقاء على الفساد، الذي ربما لم يزد في عهده أكثر ولكن انكشف «مصادفة»، وهو المسؤول الأول وعليه تحمل مسؤوليته والاستقالة، أو على الأقل التوقف عن التصريحات والتركيز بدلا من ذلك على الفعل واتخاذ إجراءات حازمة، وتطهير بعض أجهزة البلدية من بعض خرابها غير المنطقي، وتفعيل اجهزة التفتيش والرقابة، بعد ان ضاعت سنتان، وهو وزير، من دون رؤية تحسن ولو نصف ملموس!
* * *
• ملاحظة: ورد في مقال الخميس، على لسان الكاتب عبدالخالق حسين، أن اليهود تعرضوا، بعد انقلاب 1958 في العراق، لاعتداءات عدة، الأمر الذي اضطرهم للهجرة إلى اسرائيل!
والحقيقة أنهم تعرضوا للسلب والنهب (الفرهود) وحتى القتل، ولكن قبل ذلك التاريخ بعشر سنوات، أي في العهد الملكي! ولذا لزم التنويه والاعتذار!

الارشيف

Back to Top