المواطن والجهاز والمجتمع.. المعاق

صدر عن محكمة التمييز حكم أدرج بموجبه مرضى السرطان ضمن المعاقين.

من واقع تجاربي الممتدة على عدة عقود مع هيئة الإقامة أميل لعدم الاتفاق الكامل مع حكم الدستورية باعتبار مرضى السرطان معاقين، وذلك لعدة أسباب منها أن غالبية هؤلاء إما يشفون تماما ويعودون لحياتهم الطبيعية، أو تنتهي حياتهم بسبب المرض أو مع التقدم في العمر، وأتمنى ألا أكون قد قسوت على أحد في كلامي، فهذه هي الحياة.

كما أن أعداد من أصيبوا او سيصابون بالسرطان مستقبلا كبير جدا وسيؤدي إدراجهم ضمن المعاقين، لإرباك عمل هيئة الإعاقة، المرتبك أصلا، والمتخلف والمليء بقضايا شبهات فساد كثيرة، وسيساء استغلال الأمر من القلة، في استنزاف غير مبرر للمال العام.

بما أن الحكم قد صدر فإنه علينا التعامل معه كواقع والمطالبة بوضع لائحة لمطالبات هذه الفئة بحيث لا يشكل وجودهم عبئا إداريا وماليا على الهيئة، مع ضرورة البت بسرعة في طلبات المعونة، والقيام، بسرعة أكبر، بمتابعة حالاتهم، وشطب المتشافين منهم من سجلات الإعاقة، أو ظهور ما يدل على أن أحوالهم المادية قد تحسنت، وأصبحوا بغير حاجة لمعونة الدولة!
* * *
كتبت عن تجاربي مع هيئة المعاقين أكثر من عشرة مقالات، وكلها كانت ناقدة، دون غرض، فوجود فرد من الأسرة بحاجة لحماية الهيئة تطلب مني مراجعتها، فتبين لي أن ما تصرفه من مزايا للمعاق، مالية وغيرها، يمكن أن تدفع البعض لبتر أطرافهم للحصول عليها، ولا أبالغ في ما أقول. وقد ذهبت قبل فترة لمبنى الهيئة، لاستكمال المتطلبات الرسمية، المعقدة جدا، التي تفيد بولايتي عن أحد أبنائي. وشعرت، من واقع الأعداد المهولة للمراجعين، وكأن الكويت كلها «معاقة» صحيا، جسديا وعقليا. كما شاهدت سيارات مراجعين تحمل لوحات دول أخرى، قدموا لغرض مالي أو آخر. لذا أصبحت الهيئة أول جهة يتجه لها «نائب الخدمات»، فور انتخابه، للتوسط لديها، سواء لتسجيل فئات أو لزيادة ما يقدم للمسجلين من معونات، وغالبا في مخالفة للوائح الهيئة، وكانت تدخلات هؤلاء مصدر صداع لأكثر من مدير أدار الهيئة. كما عجل في إقالة البعض منهم، أو قيام البعض الآخر بالاستقالة، بكرامتهم، من المنصب الرفيع، مع إبداء أسباب الاستقالة، كما فعلت مؤخرا الدكتورة بيبي العميري، مديرة هيئة الإعاقة ونائبتها، وربما لم يكلف أحد الكبار خاطره في استدعاء الدكتورتين، لسؤالهما عن الأسباب!
* * *
تكرار إقالة أو استقالة مديري الهيئة ونوابهم يتطلب من رئيس الحكومة، شخصيا، إن توفر الوقت لديه، أو وزير الشؤون، النظر في أسبابها، فهي دليل على وجود خلل رهيب في هذا الجهاز الحساس المعنى بمصير مئات آلاف المعاقين، وذويهم!

لهذه الأسباب، وغيرها، لم أشعر بالراحة لإضافة المصابين بمرض السرطان لفئة المعاقين، دون دراسة مستفيضة للوضع.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top