حذيفة عزام وتابعه الكويتي

كنت أول من كتب، في الكويت على الأقل، عن أعمال وكتب وخطب الداعية الفلسطيني عبدالله يوسف عزام (1941–1989) ودوره في نشر الجهل والخرافة، بعد أن ترك قضيته واتجه لأفغانستان؛ ليحارب في صف «المجاهدين الأفغان» ضد الوجود الروسي.

كان ابن لادن يعتبر عزام من أساتذته، وكان عزام صاحب فكر سلفي إخواني متطرف، على الرغم من خلفيته الدراسية، حيث درس الزراعة، وعمل مدرساً، قبل أن يقرر دراسة الشريعة في دمشق وبعدها الأزهر، وكان من المؤمنين بفكر سيد قطب.

ترك عزام فلسطين بعد فترة من سقوط الضفة في يد الإسرائيليين بعد حرب 1967، ويقال إنه شارك في عمليات عسكرية، لكنه رحل للأردن ثم السعودية، ومنها جُند للقتال في أفغانستان، كما خططت أميركا، حيث عمل كحلقة وصل بين دول الطفرة البترولية، وبين المجاهدين، ونجح في تجنيد المقاتلين وجمع الأموال، وبعد اندحار السوفيت، وكما يحدث عادة بين المنتصرين، وقع الخلاف بينه وبين ابن لادن وأيمن الظواهري، وبقية القيادات، ليتعرض للاغتيال تالياً بتفجير سيارته، ولم تعرف حتى اليوم الجهة التي اغتالته!

وضع عزام الكثير من الكتب الدينية، وكان أكثرها إثارة للجدل «آيات الرحمن في جهاد الأفغان»، الذي ضمنه عدداً كبيراً من المعجزات التي «ثبت» وقوعها للمجاهدين، وسبق أن تطرقنا للكثير منها، قبل قرابة ثلاثين عاماً، بعد أن لقي الكتاب رواجاً وتصديقاً في الكويت، التي زارها مرات عدة، كان في إحداها ضيفاً على القبس.
* * *
في حربنا اليوم مع إسرائيل بدأت ظاهرة عزام تتكرر، وبقالب مشابه، حيث قام ابنه الأكبر حذيفة، الذي سبق أن شارك في الحرب مع الزرقاوي في العراق في 2003، ومع الإخوان في سوريا، وفي محاولة بائسة للعودة للأضواء، بنشر التغريدة التالية، بالنص: «أقسم أحد أولياء الله في غزة أن مخزن رشاشه الكلاشينكوف، الذي يحوي 30 طلقة، أطلق في الاشتباك أكثر من 150 طلقة. وأقسم بالله على ذلك أنه لم يصدق بنفسه ما رأته عيناه، وقف مشدوهاً مصدوماً مما حصل، لم يجد تفسيراً منطقياً ولا عقلياً لما حدث»(!!)
* * *
يبدو أن هذه ليست التغريدة الوحيدة لحذيفة، حيث قام مواطن كويتي، والذي يبدو أنه من فريق حذيفة غالباً، بنشر التعليق التالي على تغريدة حذيفة: يشهد الله إني أحبك في الله، وأرجو من الله ثم منك أن تجمع هذه المواقف الإيمانية من معركة طوفان الأقصى لتكون زاداً للمسلمين في مسيرتهم، ثم نشرها تباعاً!

ورد حذيفة عليه مؤيداً واعداً بسلسلة منها!

من بعدها أصبحنا نقرأ أعداداً متزايدة من التغريدات المماثلة، والتي تضر بالقضية والعقيدة أكثر مما تفيدها.
* * *
حصدت تغريدة حذيفة، ساعة كتابة هذا المقال أكثر من مليون ونصف المليون مشاهدة، ولا يمكن تخيُّل مدى ضررها، خاصة على المجاهدين، فهم ليسوا بحاجة لسماع هذه الخرافات بقدر حاجتهم لمن يقف معهم بالمال السلاح والعلم والمعرفة. ولو كنت مكان الإسرائيليين لما ترددت في توزيع التغريدة على أوسع نطاق، ليعرف العالم طريقة تفكيرنا؟!!

نعود ونكرر: صراعنا مع إسرائيل حضاري علمي.. والقضية الفلسطينية أسمى من أن نغرقها بمثل هذه القصص التي لم تثبت يوماً صحتها.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top