شوارع أبو قماز العتيقة.. وزبدة الكلام

كلما وقعت في حفرة في شوارعنا، تذكرت أغنية فيروز التي تقول فيها: مريت بالشوارع، شوارع القدس العتيقة.. قدام الدكاكين، ال بقيت من فلسطين.. حكينا سوا الخبرية، وعطيوني مزهرية.. قالوا لي هيدي هدية، من الناس الناطرين..! ونحن «ناطرين» أن تنتهي أعمال الطرق في مدينتنا، التي أصبحت مدينة عتيقة.
***
تطرقت لوضع شوارعنا في مقالات عدة، وحذرت فيها من أن إصلاح الوضع لن يكون سهلاً، لأن شيئاً ما لم يتغير في «عقلية وهيكلية» وزارة الأشغال. وتنبأت بفشل كل جهود الوزيرة، التي فقدت سريعاً الثقة في قدراتها، وصدقت توقعاتي.

في البداية، قامت الوزيرة بزيارة غير مطلوبة لقطر، وعادت منها بلا شيء، ثم قررت تفكيك وإلغاء هيئة الطرق، وقررت تالياً أننا عاجزون تماماً عن رصف طرقنا، وعلينا الاستعانة بخبرات خارجية، فاجتمعت، بحركة ساذجة، بسفراء دول عظمى عدة، وطلبت مساعدة شركاتهم في أعمال رصف طرقنا. بعد اجتماعات، تمت دعوة 30 شركة، وأعلنت الوزيرة بعدها أن العمل سيبدأ في الطرق في 15 يوليو، وبعد قرابة شهرين.. لا جديد!

كما تبين أن عرض تنفيذ طرق العاصمة، التي سبق أن خصصت لها موازنة تبلغ 39 مليون د.ك، ستكلفنا 109 ملايين د.ك، أي بزيادة %178 على المبلغ المرصود.

أما ممارسة طرق حولي، فقد قدر لها 39 مليون د.ك، إلا أن أقل الأسعار بلغ 60 مليون د.ك، أي بزيادة %52 والمقدم من شركة أميركية. كما بلغ ما رُصد لطرق الفروانية 47 مليون د.ك، ولكن أقل الأسعار بلغ 120 مليون د.ك، أي بزيادة %117، ولشركة تركية. وبلغ ما قُدِّر لطرق الجهراء 37 مليون د.ك، لكن أقل الأسعار بلغ 58 مليون د.ك بزيادة %56 ولشركة أميركية. وبلغ ما رُصد لطرق الأحمدي 65 مليون د.ك، لكن أقل الأسعار كان 129 مليون د.ك، بنسبة زيادة %100 تقريباً، والمقدم من شركة صينية. أما ممارسة طرق مبارك الكبير، فقد خصص لها 42 مليون د.ك، وأقل الأسعار بلغ مئة مليون د.ك، أي بنسبة زيادة %139 والمقدم من شركة صينية. وبلغت ممارسة الصيانة لطرق شمالي الكويت 35 مليون د.ك، لكن أقل الأسعار بلغ 74 مليون د.ك لشركة صينية!
***
ورد في القبس مؤخراً أن خطة إصلاح الطرق دخلت دهاليز التأخير، ولن يتم التعاقد مع الشركات الأجنبية، في المدى القريب، وهذا التعثر سيزيد من تدهور أوضاع الطرق، خصوصاً مع اقتراب الشتاء. كما لم تقم «الأشغال» بصرف شيء من مبلغ الـ240 مليون دينار الموجود بتصرفها، وعدم التزامها كل وعودها منذ أبريل الماضي.
***
رصف الطرق سيتم بطريقة أو بأخرى، علماً بأنه سيصعب كثيراً على الشركات الأجنبية نقل معداتها وموظفيها للكويت للقيام بعملية شبه روتينية كرصف الطرق، وبالتالي ستقوم أغلبية هذه الشركات، على الأرجح، بالاستعانة بالمقاول المحلي، الذي يمتلك الخبرة والمعدات والقوة العاملة!

الخلاصة: بصرف النظر عن الجهة التي ستقوم بعملية الرصف، فإن مهمة الرقابة الوزارية هي الأهم. فإن كان الجهاز الرقابي في «الأشغال» كفؤاً وشريفاً، فلا حاجة أصلاً للاستعانة بشركات رصف طرق تركية أو غيرها. وإن كان عكس ذلك، فلن تفيد الاستعانة بشركات أجنبية! فالمراقب، الذي قبل رشوة بالأمس من شركة محلية، سيقبلها غداً من الشركة الأجنبية، وهذه زبدة الكلام.

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top