صندوقنا وصندوقهم
يعتبر الصندوق السيادي الكويتي، الذي يمثّل أموال الاحتياطيات العامة للأجيال القادمة، والذي جاء بمبادرة من الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم، قبل سبعين عاماً، من أقدم صناديق الثروة السيادية في العالم، وأصبح مع الوقت أكثرها سرية وغموضاً.

تدار أموال الصندوق من الكويت، ومن مكتب هيئة الاستثمار في لندن، ويشمل نشاط الصندوق السوق المحلي والأسواق الدولية، وجاء ترتيبه عالمياً، عام 2022، الثالث بأصول يقال إنها تقارب 800 مليار دولار.

أسبقية الصندوق الكويتي دفع النرويج، في بداية التسعينيات، لزيارة مكتب هيئة الاستثمار في لندن، خلال فترة رئاسة الاقتصادي المعروف يوسف العوضي، للاستفادة من خبرات الكويت في هذا المجال.

على الرغم من مرور أكثر من 70 عاماً على تأسيس صندوق الأجيال القادمة، فإن عدد من يعرف رصيده وكيفية عمله، ومجالات استثماره، والآلية التي تتبع لاختيار أعضاء مجلس إدارته، ومدى كفاءة الجهاز الإداري، محدود جداً، بسبب طابع السرية المتبع فيه.
***
يعتبر الصندوق النرويجي السيادي، الذي تأسس في التسعينيات، الأفضل بين صناديق العالم، ويمتاز بدرجة عالية من الشفافية، وهدفه استثمار كامل إيرادات الدولة من البترول في أصول مدرة وعدم التصرف بها، بل تحفظ لمواجهة آثار الانخفاض القادم في الدخل، عندما يفقد النفط أهميته.

نجح الصندوق النرويجي، خلال فترة قصيرة نسبياً، ليصبح ليس الأكبر، بل والأكثر ربحية ومصداقية واحترافاً وشفافية يفتقدها أي صندوق استثمار آخر، وبالذات صندوق الكويت. فقد حقق في النصف الأول من العام الحالي أعلى نسبة أرباح في تاريخه، والأفضل مقارنة بغيره، بدعم من استثماراته في شركات التكنولوجيا الأميركية وشركات الذكاء الاصطناعي، حيث بلغت أرباحه 143 مليار دولار، أو %14 تقريباً، في النصف الأول من العام الحالي، وهذا يبلغ ضعف ما حققه في النصف الأول من العام الماضي.

وقال الرئيس التنفيذي للصندوق نيكولاي تانغين: إن العائد القوي كان مفاجأة له، بسبب كم المخاطر الاقتصادية والسياسية، المقلقة للغاية، في الأسواق العالمية، مع ارتفاع نسب التضخم وتزايد التوترات الجيوسياسية.

كما يعتبر الصندوق النرويجي أكبر مستثمر منفرد في سوق الأوراق المالية على مستوى العالم. ومن موقعه https:/‏/‏www.nbim.no/‏ يمكن معرفة التالي:

يمتلك أسهماً وسندات وعقارات في جميع أنحاء العالم، ولا يستثمر داخل النرويج، لتجنب إحداث أي تضخم، كما يمتلك حصة صغيرة في أكثر من 9000 شركة حول العالم، بما في ذلك أبل ونستله ومايكروسوفت وسامسونغ. وفي المتوسط، يمتلك الصندوق %1.5 من جميع الشركات المدرجة في العالم. كما تنتشر استثماراته في معظم الأسواق والبلدان والعملات لتحقيق أقصى ضمان من خلال تنويع المخاطر بشكل جيد.

أما استثمارات الدخل الثابت، والتي تبلغ %30 من رصيد الصندوق، فإنه يخصص لشراء سندات تصدرها الحكومات والمؤسسات، بفوائد محددة. كما يستثمر الصندوق في العقارات العالية الجودة في المدن الكبرى وشبكات التوزيع العالمية، وفي البنية التحتية للطاقة المتجددة، وفي مشاريع طاقة الرياح والطاقة الشمسية.

ويمكن معرفة معلومات كثيرة ومهمة أخرى عن الصندوق، الذي يبلغ رصيده 1.5 تريليون دولار، تقريباً، أو ضعف ما هو معروف عن رصيد الصندوق الكويتي!
***
إصرار مسؤولي الصندوق الكويتي على السرية التامة في عمله، يدفع كثيرين إلى الشك في الأسباب. فرصيد الصندوق يعود للشعب، وهو أولى بمعرفة ما فيه من أموال، وطريقة التصرف بتلك الأموال، وطرق الرقابة عليها!

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw
الارشيف

Back to Top