فريدمان ومأساة «الكويتية»

عند قراءة تغريدات بعض النواب، أشعر أنهم يبحثون عن أي مأتم لكي يلطموا فيه، فقط ليقولوا لناخبيهم «نحن هنا»، وليبقوا في دائرة الضوء!

انتشر خبر على وسائل التواصل، نقلا عن صحيفة «الراي» يفيد باستعداد طيران الجزيرة لشراء %35 من الخطوط الكويتية!!

سارع، أو تسرع النائب «شعيب المويزري»، وأصدر بيانا ندد فيه بمحاولة الاستحواذ على «الحامل الوطني»، وحذر الحكومة من مغبة الموافقة على الصفقة. تبين بعدها أن الخبر يعود لما قبل 8 سنوات، وكان حريا بالنائب عدم تصديقه أساسا، فهو خبر يفتقد للمنطق أصلا!

كما صدق النائب الفذ الآخر «فايز الجمهور» الخبر، منددا به وبكل من يسعى للمساس بسمعة ومصداقية الخطوط الكويتية، وهدد باستجواب رئيس الوزراء! ولا أدري ما علاقة «مصداقية وسمعة الكويتية» بخير نية طرف شراء %35 منها؟

تصديق هؤلاء وغيرهم لخبر الشراء يبين فهمهم للأمور!
***
ما لا يعرفه شعيب، أو من يرغب في شراء أصل كالكويتية، أن لا أوضاعها المالية ولا هيكلها الوظيفي ولا نوعية طائراتها، ولا أي شيء فيها يغري بشرائها، فحجم مشكلاتها أكبر من قدرة أو قوة أي رئيس أو مجلس إدارة يدير الشركة، فهي تمثل النموذج الساطع الذي حذر منه «جوكر الحكومة» الوزير سعد البراك، بأن الحكومة تاجر فاشل، فقد بدأت خسائرها منذ السنوات الأولى من تأسيسها، ويقال إنها كلفت المال العام أكثر من 35 مليار دولار على مدى 70 عاما، مع تكرار رفع رأسمالها وشطب قروضها!
***
يقول عالم الاقتصادي الأميركي الفذ «ميلتون فريدمان»، الحائز نوبل عام 1976، الذي طبقت دول كثيرة نظرياته في «الاقتصاد الحر والحريات السياسية»، مثل تشيلي وأستونيا والهند وهونغ كونغ، وغيرها، بأن فشل شركة خاصة يعني تعرضها للإفلاس والتصفية. لكن الأمر عكس ذلك في الحكومة. ففشل شركة حكومية في عملها وتعرضها للخسائر يدفع الحكومة غالبا لضخ أموال أكبر فيها، وتجاهل فشلها المتكرر، وهذا نراه متمثلا بقوة في «الخطوط الكويتية»، التي لا تعرف جهة كم كلفت المال العام، وكمْ أفسد فسادها من نفوس، بحيث جعل مهمة أي مجلس إدارة، ولو كان الأشرف، مهمة مستحيلة، خاصة مع تغلغل وتعشش أتباع الإخوان في غالبية مفاصلها، بحيث اصبحوا دولة داخل دولة بدعم من نوابهم، وخير مثال الفشل في وقف عمليات الترفيع من درجة لأخرى، او التخلص من «العالة» من موظفي الشركة، وعلى ضوء هذه الحقائق المعروفة، فإن على من هددوا رئيس الوزراء بالاستجواب، إن صح خبر بيع «الكويتية»، أن يقبّلا أيديهما، وجهاً وقفا، أن تقدمت جهة بعرض شراء الشركة!

ولو كنت مسؤولا لقبلت العرض، ودفعت للمشتري تعويضا، بدلا من أن يدفعوا للدولة ثمن شرائها!

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top